للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد استدل به من قال: إن الصلاة في الثوب المغصوب أو المغصوب ثمنه لا تصح، وهم العترة (١) جميعًا. وقال أبو حنيفة (٢) والشافعي (٣): تصح لأن العصيان ليس بنفس الطاعة لتغاير اللباس والصلاة، ورد بأن الحديث مصرح بنفي قبول الصلاة في الثوب المغصوب ثمنه والمغصوب عينه بالأولى، وأنت خبير بان الحديث لا ينتهض للحجية ولو سلم فمعنى نفي القبول لا يستلزم نفي الصحة لأنه يرد على وجهين (الأول) يراد به الملازم لنفي الصحة والإجزاء نحو قوله: "هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به" (٤) (والثاني) يراد به نفي الكمال والفضيلة كما في حديث نفي قبول صلاة الآبق (٥) والمغاضبة لزوجها (٦) ومن في جوفه خمر (٧) وغيرهم ممن جمع على صحة صلاتهم، وقد تقدمت الإشارة إلى هذا في موضعين من هذا الشرح.


= قال ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق" (١/ ٣٠٤): "قال أبو طالب: سألت أبا عبد الله - أحمد بن حنبل - عن هذا الحديث، فقال: ليس بشيء، ليس له إسناد. ذكره الخلَّال".
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١٠/ ٢٩٢): "رواه أحمد من طريق هاشم عن ابن عمر، وهاشم لم أعرفه، وبقية رجاله وثِّقُوا على أنَّ "بقية": مدلس". وقال المحدث الألباني في "الضعيفة" رقم (٨٤٤): ضعيف جدًّا.
(١) "البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار" (١/ ٢١٣).
(٢) "حاشية ابن عابدين" (٢/ ٤١) بتحقيقي.
(٣) "المجموع شرح المهذب" (٣/ ١٦٩ - ١٧٠).
قال ابن قدامة في المغني (٢/ ٣٠٣): " … لا يحل لبسه - أي المغصوب - ولا الصلاة فيه. وهل تصحُّ الصلاة فيه؟ على روايتين؛ إحداهما: لا تصح. والثانية: تصح. وهو قول أبي حنيفة، والشافعي، لأنَّ التحريم لا يختص الصلاة، ولا النهي يعود إليها، فلم يمنع الصحة. كما لو غسَلَ ثوبه من النجاسة بماء مغصوب، وكما لو صلى وعليه عمامة مغصوبة.
ووجه الرواية الأولى، أنه استعمل في شرط العبادة ما يحرمُ عليه استعماله، فلم تصح، كما لو صلى في ثوبٍ نجسٍ، ولأنَّ الصلاة قُربةٌ وطاعة، وهو منهيٌّ عنها على هذا الوجه، فكيف يتقرب بما هو عاصٍ به، أو يؤمَرُ بما هو منهي عنه .. ".
قلت: الراجح ما ذهب إليه أبو حنيفة والشافعي. انظر: "السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار" (١/ ٣٧٠ - ٣٧١) بتحقيقي.
(٤) تقدم تخريجه في نهاية شرح الحديث رقم (١٦٨) من كتابنا هذا.
(٥) و (٦) و (٧) تقدم ذكر الأحاديث وتخريجها عند شرح الحديث (١٢/ ٥٢٥) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>