للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصحيحين (١) من حديث ابن عمر، قال: "رأيت رسول الله يصبغ بالصفرة" زاد في رواية أبي داود (٢) والنسائي (٣)، "وقد كان يصبغ بها ثيابه كلها" وقال الخطابي (٤): النهي منصرف إلى ما صبغ من الثياب، وكأنه نظر إلى ما في الصحيحين من ذكر مطلق الصبغ بالصفرة، فقصره على صبغ اللحية دون الثياب، وجعل النهي متوجهًا إلى الثياب، ولم يلتفت إلى تلك الزيادة المصرحة بأنه كان يصبغ ثيابه بالصفرة، ويمكن الجمع بأن الصفرة التي كان يصبغ بها رسول الله غير صفرة العصفر المنهي عنه.

ويؤيد ذلك ما سيأتي في باب لبس الأبيض والأسود (٥) من حديث ابن عمر أن النبي "كان يَصبُغ بالزعفران" وقد أجاب من لم يقل بالتحريم عن حديث ابن عمرو المذكور في الباب (٦) وحديثه الذي بعده (٧) بأنه لا يلزم من نهيه له نهي سائر الأمة.

وكذلك أجاب عن حديث علي الآتي (٨) بأن ظاهر قوله: "نهاني" أن ذلك مختص به، ولهذا ثبت في رواية عنه أنه قال: ولا أقول نهاكم، وهذا الجواب ينبني على الخلاف المشهور بين أهل الأصول في حكمه على الواحد من الأمة هل يكون حكمًا على بقيتهم أو لا، والحق الأول (٩)، فيكون نهيه لعلي وعبد الله نهيًا


(١) البخاري رقم (١٦٦) ومسلم رقم (١١٨٧).
(٢) في سننه رقم (١٧٧٢).
(٣) في سننه (٨/ ١٠).
(٤) في "معالم السنن" (٥/ ٣٣٨ - هامش السنن).
(٥) الباب السابع رقم (٢٧/ ٥٧٠) من كتابنا هذا.
(٦) الباب السادس: رقم (١٧/ ٥٦٠) من كتابنا هذا.
(٧) رقم (١٨/ ٥٦١) من كتابنا هذا.
(٨) رقم (١٩/ ٥٦٢) من كتابنا هذا.
(٩) قال الشوكاني في "إرشاد الفحول" بتحقيقي (ص ٤٤٤): "المسألة السادسةُ عشرَةَ: الخطابُ الخاصُّ بواحد من الأمة إن صُرِّح بالاختصاص به كما في قوله : "تجزئُك ولا تجزِئُ أحدًا بعدك" فلا شك في اختصاصه بذلك المخاطَب وإن لم يُصرِّح فيه بالاختصاص بذلك المخاطب فذهب الجمهور إلى أنه مختصٌّ بذلك المخاطب ولا يتناول غيره إلا بدليل من خارج.
وقال بعض الحنابلة وبعض الشافعية إنه يَعمُّ بدليل ما رُوي من قوله : "حكمي على الواحد حكمي على الجماعة"، وما روي عنه : "إنما قولي لامرأةٍ واحدةٍ كقولي لمائةِ امرأةٍ" ونحو ذلك. =

<<  <  ج: ص:  >  >>