للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لجميع الأمة، ولا يعارضه صبغه بالصفرة على تسليم أنها من العصفر لما تقرر في الأصول من أن فعله الخالي عن دليل التأسي الخاص لا يعارض قوله الخاص بأمته.

فالراجح تحريم الثياب المعصفرة، والعصفر وإن كان يصبغ صبغًا أحمر كما قال ابن القيم فلا معارضة بينه وبين ما ثبت في الصحيحين (١) من أنه " كان يلبس حلة حمراء" كما يأتي، لأن النهي في هذه الأحاديث يتوجه إلى نوع خاص من الحمرة، وهي الحمرة الحاصلة عن صباغ العصفر، وسيأتي ما حكاه الترمذي (٢) عن أهل الحديث بمعنى هذا.

وقد قال البيهقي (٣) رادًا لقول الشافعي: إنه لم يحك أحد عن النبي النهي عن الصفرة إلا ما قال علي: "نهاني ولا أقول نهاكم" إن الأحاديث تدل على أن النهي على العموم، ثم ذكر أحاديث ثم قال بعد ذلك: ولو بلغت هذه الأحاديث الشافعي لقال بها، ثم ذكر (٤) بإسناده ما صح عن الشافعي أنه قال: إذا صح الحديث خلاف قولي فاعملوا بالحديث (٥).


= ولا يخفى أن الاستدلال بهذا خارج عن محل النزاع فإنه لا خلاف أنه إذا دلّ دليل من خارج على أن حكمَ غير ذلك المخاطب كحكمه كان له حكمه بذلك الدليل …
والخلاصة في هذه المسألة على ما يقتضيه الحقُّ ويوجبه الإنصاف - عدم التناول لغير المخاطب من حيث الصيغة، بل بالدليل الخارجي، وقد ثبت عن الصحابة فمن بعدهم الاستدلال بأقضيته الخاصة بالواحد أو الجماعة المخصوصة على ثبوت مثل ذلك لسائرِ الأمةِ، فكان هذا مع الأدلة الدالة على عموم الرسالة، وعلى استواء أقدام هذه الأمة في الأحكام الشرعية مفيدًا لإلحاق غير ذلك المخاطب به في ذلك الحكم عند الإطلاق، إلى أن يقوم الدليلُ الدالُّ على اختصاصه بذلك -.
فعرفت بهذا أن الراجح التعميمُ حتى يقومَ دليل التخصيص، لا كما قيل أن الراجح التخصيصُ حتى يقوم دليلُ التعميم لأنه قد قام كما ذكرناه" اهـ.
(١) سيأتي تخريجه برقم (٢٠/ ٥٦٣) من كتابنا هذا.
(٢) في السنن (٥/ ١١٦).
(٣) في "معرفة السنن والآثار" (٢/ ٤٥٤ رقم ٣٤٣٤).
(٤) أي البيهقي في المرجع السابق (٢/ ٤٥٤ رقم ٣٤٣٥).
(٥) قال الشيخ ابن القيم وقد روى مسلم في صحيحه عن علي بن أبي طالب قال: "نهى رسول الله عن لباس القسي والمعصفر وعن تختم الذهب، وعن قراءة القرآن في الركوع".
- رقم (١٩/ ٥٦٢) من كتابنا هذا -. =

<<  <  ج: ص:  >  >>