للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الحافظ ابن القيم في الهدي (١): "وأما الأكمام الواسعة الطوال التي هي كالأخراج فلم يلبسها هو ولا أحد من أصحابه البتة، وهي مخالفة لسنته، وفي جوازها نظر، فإنها من جنس الخيلاء" انتهى.

وقد صار أشهر الناس بمخالفة هذه السنة في زماننا هذا العلماء فترى أحدهم وقد جعل لقميصه كمين يصلح كل واحد منهما أن يكون جبة أو قميصًا لصغير من أولاده أو يتيم، وليس في ذلك شيء من الفائدة الدنيوية إلا العبث وتثقيل المؤنة على النفس، ومنع الانتفاع باليد في كثير من المنافع وتعريضه لسرعة التمزق وتشويه الهيئة، ولا الدينية إلا مخالفة السنة والإسبال والخيلاء.

قال ابن رسلان: والظاهر أن نساءه كن كذلك يعني أن أكمامهنّ إلى الرسغ إذ لو كان أكمامهنّ تزيد على ذلك لنقل ولو نقل لوصل إلينا، كما نقل في الذيول من رواية النسائي (٢) وغيره أن أم سلمة لما سمعت "من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه" "قالت: يا رسول الله فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال: يرخينه شبرًا قالت: إذن [ينكشف] (٣) أقدامهن قال: يرخينه ذراعًا ولا يزدن عليه". ويفرق بين الكف إذا ظهر وبين القدم، أن قدم المرأة عورة بخلاف كفها انتهى.

وفي الحديث الثاني دلالة على أن هديه كان تقصير القميص لأن تطويله إسبال وهو منهي عنه وسيأتي الكلام على ذلك.

٣٨/ ٥٨١ - (وَعَنْ نافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ [رضي الله تعالى عنهما] (٤) قالَ: كانَ


(١) في "زاد المعاد" (١/ ١٣٥).
(٢) في سننه (٨/ ٢٠٩).
قلت: وأخرجه الترمذي رقم (١٧٣١) وقال: هذا حديث حسن صحيح وهو كما قال: من حديث عبد الله بن عمر.
وفي رواية لأبي داود رقم (٤١١٩) بلفظ: "رخَّص رسولُ الله لأمهات المؤمنين في الذيل شبرًا، فاستزدنَه، فزادَهُنَّ شبرًا، فكُنَّ يرسلن إلينا، فنذرع لهنَّ في ذِراعًا".
والخلاصة إن حديث عبد الله بن عمر حديث صحيح والله أعلم. وقد تقدم برقم (١٤/ ٥٢٧) من كتابنا هذا.
(٣) في (جـ): (تنكشف) وهو مخالف لمصادر الحديث.
(٤) زيادة من (جـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>