للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصلاة فتؤدي إلى قطعها، أو أذى يحصل له منها أو تشويش الخاطر الملهي عن الخشوع في الصلاة. وبهذا علل النهي أصحاب الشافعي (١) وأصحاب مالك (٢)، وعلى هذا فيفرق بين كون الإبل في معاطنها وبين غيبتها عنها إذ يؤمن نفورها حينئذٍ، ويرشد إلى صحة هذا حديث ابن مغفل عند أحمد (٣) بإسناد صحيح بلفظ: "لا تُصَلُّوا في أعطانِ الإبلِ، فإنَّها خلقت من الجِنِّ، ألا ترونَ إلى عُيونها وهيئتَها إذا نَفَرَتْ؟ ". وقد يحتمل أن علة النهي أن يجاء بها إلى معاطنها بعد شروعه في الصلاة فيقطعها أو يستمر فيها مع شغل خاطره.

وقيل: لأن الراعي يبول بينها. وقيل: الحكمة في النهي كونها خلقت من الشياطين ويدل على هذا أيضًا حديث ابن مغفل السابق. وكذا عند النسائي (٤) من حديثه.

وعند أبي داود (٥) من حديث البراء.

وعند ابن ماجه (٦) بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة.

إذا عرفت هذا الاختلاف في العلة تبين لك أن الحق الوقوف على مقتضى النهي وهو التحريم كما ذهب إليه أحمد (٣) والظاهرية (٧).

وأما الأمر بالصلاة في مرابض الغنم فأمر إباحة ليس للوجوب. قال العراقي اتفاقًا: وإنما نبه على ذلك لئلا يظن أن حكمها حكم الإبل، أو أنه أخرج على جواب السائل حين سأله عن الأمرين فأجاب في الإبل بالمنع، وفي الغنم بالإذن. وأما الترغيب المذكور في الأحاديث بلفظ: "فإنها بركة" فهو إنما


(١) انظر: "المجموع" (٣/ ١٦٦ - ١٦٧).
(٢) وقال ابن جزي في "قوانين الأحكام الشرعية" ص ٦٥: "ونهى عن الصلاة … ومعاطن الإبل وهو غير معلل على الأصح".
(٣) في المسند (٥/ ٥٥) بسند رجاله ثقات.
قلت: وأخرجه عبد بن حميد في "المنتخب" رقم (٥٠١) والبيهقي في السنن الكبرى (٢/ ٤٤٨).
وهو حديث صحيح.
(٤) في سننه رقم (٢/ ٥٦ رقم ٧٣٥) وفي الكبرى رقم (٨١٤) وقد تقدم.
(٥) في سننه رقم (١٨٤) وقد تقدم.
(٦) في سننه رقم (٧٦٨) وقد تقدم.
(٧) في "المحلى" (٤/ ٢٤ المسألة ٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>