للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكانت الظروفُ مهيأةَ أمامَ الغزوِ الصّليبيِّ، فثغورُ المسلمين غيرُ محصّنة، وخاصةً في سواحل البحرِ الأحمرِ، وبشكل أخصَّ في بوّابتيه الشمالية والجَنوبية، والخليجِ العربيِّ والبحرِ العربي (المحيط الهندي)، بالإضافة إلى تراخي المسلمين عن الجهاد.

وخالفت الدولُ الإسلاميةُ مبدأً أساسيًا في القرآن الكريم، وهو مبدأ (الولاء) ويعني المناصرة، فكانت الدولةُ العثمانية توالي الإنجليزَ ضدّ الفرنسيين، وكان (محمد علي باشا) يوالي الفرنسيين ضد (الإنجليز)، وحلَّت العقوبةُ الإلهيةُ بكل من القوتين المسلمتين، قوة العثمانيين، وقوة (محمد علي باشا)، حيث تآمرت كلٌ من (فرنسا) و (إنجلترا) مع أربع دول أخرى على كل منهما، ومهما قيل من تحليل حول أصداءِ الحملةِ الفرنسية، فقد كانت صدمةً عسكرية - صليبيةً - لمِصْرَ وللعالم الإسلامي، حيث اكتشف المسلمون أنهم لم يواكبوا التطورَ العلميِّ - التّقْني الذي سارت في ركابه الدولُ الأوربية، مما أوجد فجوةً كبيرة بين الطرفين فساعدت على هزائم المسلمين أمام الغزوِ الأوربي المتعاضدِ حينًا والمتنافسِ حينًا آخرَ، ولو لم تكن القُوى الإسلامية - مهما بلغت من التفكك - قد بعثرتْ ما لديها من أسباب القوةِ في صراعاتها العديدة لاستطاعت مواكبةَ الركْب الأوربي، وإليك بعضَ الأشكالِ المختلفة لتلك الصراعاتِ: صراعًا عثمانيًا - صوفيًا، وصراعًا عثمانيًا - وهَّابيًا، وصراعًا عثمانيًا، - مصريًا، وصراعًا سعوديًا - مصريًا، وصراعًا إنجليزيًا - مصريًا، وصراعًا عثمانيًا - فرنسيًا، وصراعًا يمنيًا - سعوديًا، والصراعُ الأخيرُ كان صراعَ مهادنةٍ وحذَرٍ وتربّص.

وكانت هناك أربعُ قُوَى يمكن أن تمثل أملَ التقدمِ والتطورِ لبلاد المسلمين، ويمكن أن تنتصِرَ لو اجتمعت على الزحف الأوربيّ الواسعِ النِطاق، وهذه القُوى هي: قوةُ (محمدِ بن عبدِ الوهاب) وأتباعِه التي تركزت حول التغييرِ العَقَديِّ كأساس للتغيير الشاملِ والتقدمِ في كل جوانب الحياةِ بعد ذلك، ويمكن أن يُطلقَ عليها: (ثورة العقيدة)، وكانت هناك قوةُ الحركةِ الإصلاحية المعاصِرَة للحركة الوهابيةِ وهي حركةُ (محمدِ بن عليّ الشوكاني)، التي تركزت في دفع المسلمين نحو التحررِ من التقليد والجُمود، وتحريكِ عجلةِ الاجتهادِ بعيدًا عن العصبيات

<<  <  ج: ص:  >  >>