المذهبيةِ والسُّلالية فهي:(ثورة العقل)، وكانت هناك حركةٌ فتيةٌ تولَّى قيادَها (محمد علي باشا) تركزت حول الاستفادةِ الجادةِ والسريعةِ من التطور العلميّ - التقْنيِّ الذي وصل إليه الأوربيون، فكانت حركةَ (ثورة العلمِ والتكنولوجيا)، وكانت القوةُ الرابعةُ هي: قوةُ العثمانيين العسكرية التي صمَدت إلى حين أمام الغزوِ الأوربي - الصليبيّ، لولا معاناتُها من الحروب الداخلية، ومن تآمُر الحركة الماسونية المتمثّلة يومئذ بجمعية (الاتحاد والترقي) التركية - العلمانية الاتجاه، بالإضافة إلى تآمُر كلٍ من: روسيا وإنجلترا وفرنسا واليونان والنمسا عليها وعلى (محمد علي باشا)، في نهاية مطاف (الولاء) والصداقة الكاذبة، ولو قُدّر لهذه القُوى الأربعِ أن تجتمعَ في معسكر واحدٍ مكلَّلة بالإيمان لاستطاعت امتلاكَ المسيرة الحضاربةِ المعاصرة، بعيدًا عن أمراضها المادية والخُلُقية، ولتمكّنت بمشيئة الله من إنماء حياةِ المسلمين والإنسانية في كل أرجاءِ العالم.
ولم تخْلُ اليمنُ من أمراض القُوى الإسلاميةِ الكبرى، فقد وُجدت صراعاتٌ داخليةٌ في ظل نظامِ الحكم الزيديِّ الإمامي هي: صراعاتٌ أُسريةٌ على الإمامة، وصراعاتٌ فيما بين القبائل ذاتِ الشوكةِ من ناحية، وفيما بينها وبين دولةِ الإمامة من ناحية أخرى، وصراعاتٌ بين دولةِ الأئمةِ وبين قوةِ الحركةِ الإسماعيلية الباطنية - القِرْمطية، المتمركزة في منطقتي (حراز) و (نجران).
وكان حكمُ الإمامةِ يتّسم تارةً بالعدل وتارة أخرى بالجَور، وأحيانًا بالقوة وأحيانًا بالضعف. ولأخلاقيات وزراءِ الإمامِ ودعاةِ الإمامة وطبيعةِ سلوكِ الإمام تأثيرٌ كبير بالإيجاب أو السلب على طبيعة النظامِ الحاكم.
وكانت سيادةُ اليمنِ غيرَ كاملةِ على كل أجزائها، فهناك الصراعُ ضدَّ سلطةِ أشرافِ أبي عريش والمِخْلاف السُليماني، وهناك سلطناتٌ مستقلةُ كسلطنة (لَحْج) في الجنوب، وهناك سلطنةُ الأتراك في (زبيد)، وقد احتل الإنجليزُ عدَنَ عام ١٢٥٥ هـ (بعد موت الشوكانيّ بخمس سنوات)، واحتل أنصارُ الدعوةِ الوهابية - السلفية - بلاد أبي عريش والمخلاف السليماني، وتمكنوا من الاستيلاء على الحديدة (أيام الإمامِ المتوكل على الله أحمد) وكانت دولةُ الأئمةِ تهادن حركةَ (محمد بن عبد الوهاب)، فتبادل أنصارُها المكاتباتِ والرسلَ، وقاموا بتطبيق ما قام