للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحديث أن المراد بتشييد المساجد هنا رفع البناء وتطويله كما قال البغوي، وفيه رد على من حمل قوله تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ﴾ (١) على رفع [بنائها] (٢) وهو الحقيقة بل المراد أن تعظم فلا يذكر فيها الخنى (٣) من الأقوال وتطييبها من الأدناس والأنجاس ولا ترفع فيها الأصوات اهـ.

قوله: (قال ابن عباس) هكذا رواه ابن حبان (٤) موقوفًا وقبله حديث ابن عباس أيضًا مرفوعًا وظن الطيبي (٥) في شرح المشكاة أنهما حديث واحد فشرحه على أن اللام في لتزخرفنها مكسورة، قال: وهي لام التعليل للمنفي قبله، والمعنى ما أمرت بالتشييد ليجعل ذريعة إلى الزخرفة، قال: والنون فيه لمجرد التأكيد وفيه نوع تأنيب وتوبيخ، ثم قال: ويجوز فتح اللام على أنها جواب القسم.

قال الحافظ (٦): وهذا يعني فتح اللام هو المعتمد، والأول لم يثبت به الرواية أصلًا، فلا يغترّ به. وكلام ابن عباس فيه مفصول من كلام النبي في الكتب المشهورة وغيرها انتهى.

والزخرفة: الزينة، قال محيى السنة (٧): إنهم زخرفوا المساجد عندما بدلوا دينهم وحرفوا كتبهم وأنتم تصيرون إلى مثل حالهم، وسيصير أمركم إلى المراءاة بالمساجد، والمباهاة بتشييدها وتزيينها.

قال أبو الدرادء (٨): "إذا حَلَّيْتُم مصاحِفَكم وزوّقتُم (٩) مساجِدَكم فالدَّمارُ عليكم".


(١) سورة النور: الآية ٣٦.
(٢) في (ب): (بناه).
(٣) خَنَا خَنْوًا: أفحش. القاموس المحيط.
(٤) في صحيحه رقم (١٦١٥). وقد تقدم آنفًا.
(٥) هو الحسين بن محمد بن عبد الله الطيبي الإمام المشهور، صاحب شرح المشكاة وغيره.
توفي عام (٧٤٣ هـ).
والشرح المذكور هو (الكاشف عن حقائق السنن) وهو شرح لمشكاة المصابيح للبغوي.
انظر كشف الظنون (٢/ ١٧٠٠).
(٦) في "الفتح" (١/ ٥٤٠).
(٧) المراد به البغوي . ونصّ كلامه في شرح السنة (٢/ ٣٥٠).
(٨) أخرجه ابن المبارك في "الزهد" رقم (٧٩٧) ومن طريقه الفريابي في "فضائل القرآن" رقم (٧٩) بسند رجاله ثقات. لكنه منقطع. وانظر ما قاله الطرطوشي في كتاب الحوادث والبدع بتحقيق الأخ علي بن حسن عبد الحميد ص ١٠٤ - ١٠٩.
(٩) التزويق: التزيين والتحسين.

<<  <  ج: ص:  >  >>