للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن رسلان: وهذا الحديث فيه معجزة ظاهرة لإخباره عما سيقع بعده، فإن تزويق المساجد والمباهاة بزخرفتها كثر من الملوك والأمراء في هذا الزمان بالقاهرة والشام وبيت المقدس بأخذهم أموال الناس ظلمًا وعمارتهم بها المدارس على شكل بديع نسأل الله [تعالى] (١) السلامة والعافية انتهى.

والحديث يدل على أن تشييد المساجد بدعة، وقد روي عن أبي حنيفة الترخيص في ذلك (٢). وروي عن أبي طالب أنه لا كراهة في تزيين المحراب (٣). وقال المنصور بالله: إنه يجوز في جميع المسجد.

وقال البدر بن المنير: لما شيد الناس بيوتهم وزخرفوها ناسب أن يصنع ذلك بالمساجد صونًا لها عن الاستهانة، وتعقب بأن المنع إن كان للحث على اتباع السلف في ترك الرفاهية فهو كما قال وإن كان لخشية شغل بال المصلي بالزخرفة فلا لبقاء العلة. ومن جملة ما عوّل عليه المجوّزون للتزيين بأن السلف لم يحصل منهم الإنكار على من فعل ذلك، وبأنه بدعة مستحسنة وبأنه مرغب إلى المسجد، وهذه حجج لا يعول عليها من له حظ من التوفيق لا سيما مع مقابلتها للأحاديث الدالة على أن التزيين ليس من أمر رسول الله وأنه نوع من المباهاة المحرمة وأنه من علامات الساعة كما روي عن علي (٤)، وأنه من صنيع اليهود والنصارى، وقد كان يحب مخالفتهم ويرشد إليها عمومًا وخصوصًا.

ودعوى ترك إنكار السلف ممنوعة لأن التزيين بدعة أحدثها أهل الدول


(١) زيادة من (جـ).
(٢) انظر: "البناية في شرح الهداية" للعيني. (٢/ ٥٦٢ - ٥٦٤).
فقد جاء بكلام غريب واستدلال عجيب. مع أن الزخرفة والنفش في المسجد بدعة.
(٣) بل كان يرى أن المحراب بدعة ولا يصلي فيه.
وكان يكره أيضًا تزيين المسجد، لأن المسجد لم يبن ليتفاخر به الناس بل ليمثُلوا بين يدي الله تعالى.
انظر موسوعة فقه علي ص ٥٥٧ - ٥٥٨، والمحلى (٤/ ٢٣٩، ٢٤٨) والمصنف لعبد الرزاق (٣/ ١٥٣، ١٥٤).
(٤) كالحديث الآتي برقم (٣٦/ ٦٢٩) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>