قال أبو عمر: أجاز ذلك قوم منهم أبو حنيفة. عن سفيان بن عيينة قال: "مررت بأبي حنيفة وهو مع أصحابه في المسجد وقد ارتفعت أصواتهم، فقلت: يا أبا حنيفة! هذا في المسجد! والصوت لا ينبغي أن يرفع فيه. فقال: دعهم فإنهم لا يفقهون إلا بهذا" بسند حسن. (١) قال النووي في "المجموع" (٢/ ٢٠٤). "يستحب عقد حلق العلم في المساجد وذكر المواعظ والرقائق ونحوها، والأحاديث الصحيحة في ذلك كثيرة مشهورة". "ويجوز التحدث بالحديث المباح في المسجد وبأمور الدنيا وغيرها من المباحات وإن حصل فيه ضحك ونحوه ما دام مباحًا. لحديث جابر بن سمرة ﵁ قال: "كان رسول الله ﷺ لا يقوم من مصلاه الذي صلى فيه الصبح حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت قام. قال: وكانوا يثحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويبتسم" رواه مسلم رقم (٢٨٦/ ٦٧٠) -. وقال أبو عمر بن عبد البر في كتابه "جامع بيان العلم وفضله" (١/ ٥٥٥): "احتج من أجاز رفع الصوت في المناظرة بالعلم وقال: لا بأس بذلك بحديث عبد الله بن عمرو ﵄ وقال: "تخفَف عنا رسول الله ﷺ في سفرة سافرناها فأدركنا وقد أرهقتنا الصلاة - ضاق علينا وقتها - ونحن نتوضأ ونمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته: "ويل للأعقاب من النار، - مرتين أو ثلاثًا - ". أخرجه البخاري رقم (٦٠، ٩٦، ١٦٣) ومسلم رقم (٢٤١) وغيرهما - وتعقبه الزركشي في "إعلام الساجد بأحكام المساجد" (ص ٣٢٧): بقوله: "وليس في الحديث أنهم كانوا في المسجد. وفي الصحيح - البخاري رقم (٤٥٧) ومسلم رقم (٢٠/ ١٥٥٨) - عن ابن شهاب: حدثني عبد الله بن كعب بن مالك: أخبره عن أبيه، أنه تقاضى ابن أبي حدردٍ دَيْنًا كان له عليه، في عهد رسول الله ﷺ في المسجد، فارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول الله ﷺ وهو في بيته، فخرج إليهما رسول الله ﷺ حتى كشف سجفَ حُجرته، ونادى كعب بن مالك. فقال: "يا كعب" فقال: لبيك يا رسول الله فأشار إليه بيده أنْ ضع الشطر من دَيْنك. قال كعب: قد فعلتُ، يا رسول الله! قال رسول الله ﷺ: "قم فاقضه". (٢) في شرحه لصحيح مسلم (٥/ ٥٥).