للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: وجهت وجهي) التوجه: الكبير (١) وهذا إنما يتم بعد تسليم أن المراد بقوله: وكبره، تكبيرة الإحرام، وبعد تسليم أن الواو تقتضي الترتيب (٢)، وبعد تسليم أن قوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا﴾ (٣) إلى آخره من التوجهات الواردة.

وهذه الأمور جميعًا ممنوعة ودون تصحيحها مفاوز وعقاب.

والأحسن الاحتجاج لهم بإطلاق بعض الأحاديث الواردة كحديث جابر (٤) بلفظ: "كان إذا استفتحَ الصلاةَ"، وحديث الباب (٥) بلفظ: "كان إذا قامَ إلى الصلاة"، ولا يخفى عليك أنه قد ورد التقييد في حديث أبي هريرة المتقدم (٦)، وفي حديث الباب (٥) أيضًا في رواية أبي داود كما ذكرنا، وفي حديث أبي سعيد (كان إذا قام إلى الصلاة كبر) وسيأتي (٧).

وقد ورد التقييد في غير حديث، وحمل المطلق على المقيد واجب على ما هو الحق في الأصول.

ومن غرائبهم قولهم: إنه لا يشرع التوجه بغير ما ورد في هذا الحديث من الألفاظ القرآنية إلا قوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا﴾ (٣) إلخ.


(١) ويقصد به: "وجهت وجهي للذي فطر السماوات … إلخ".
(٢) اختلف الناس في الواو على ثلاثة مذاهب:
أحدها: أنها تقتضي الجمع، والثاني تقتضي الترتيب، والثالث لا تقتضي واحدًا منهما، وإنما تقتضي المشاركة في المعنى والإعراب فقط.
والصحيح أنها لا تدل على الترتيب لا في الفعل كالفاء، ولا في المنزلة كثُمَّ، ولا في الأحوال كحتى، وإنما هو لمجرد الجمع المطلق كالتثنية، فإذا قلت: مررت بزيد وعمرو، فهو كقولك: مررت بهما.
انظر تفصيل ذلك في: "البحر المحيط" (٢/ ٢٥٣ - ٢٥٤، ٢٥٩ - ٢٦٠).
(٣) سورة الإسراء: الآية ١١١.
(٤) أخرجه النسائي في المجتبى (٢/ ١٢٩) رقم (٨٩٦) وفي الكبرى (١/ ٤٦٦) رقم (٩٧٢) وهو حديث صحيح.
(٥) رقم (٢١/ ٦٨٢) من كتابنا هذا.
(٦) رقم (٢٠/ ٦٨١) من كتابنا هذا.
(٧) رقم (٢٣/ ٦٨٤) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>