للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد ذهب ابن حزم (١) إلى أن المؤتم لا يأتي بالتوجه وراء الإمام، قال: لأن فيه شيئًا من القرآن، وقد نهى رسول الله أن يقرأ خلف الإمام إلا أُم القرآن. وهو فاسد لأنه إن أراد بقوله لأن فيه شيئًا من القرآن كل توجه، فقد عرفت مما سلف أن أكثرها مما لا قرآن فيه، وإن أراد خصوص توجه علي (٢) الذي فيه: "وجهت وجهي إلى آخره لا فليس محل النزاع هذا التوجه الخاص.

ولكنه ينبغي لمن صلى خلف إمام يتوجه قبل التكبيرة كالهادوية (٣) أو دخل في الصلاة حال قراءة الإمام أن يأتي بأخصر التوجهات ليتفرغ لسماع قراءة الإمام.

ويمكن أن يقال لا يتوجه بشيء من التوجهات من صلى خلف إمام لا يتوجه بعد التكبيرة لأن عمومات القرآن والسنة قد دلت على وجوب الإنصات والاستماع المتوجه حال قراءة الإمام للقرآن غير منصت ولا مستمع وإن لم يكن تاليًا للقرآن إلا عند من يجوز تخصيص مثل هذا العموم بمثل ذلك المفهوم أعني مفهوم قوله من القرآن، هذا هو التحقيق في المقام.

فائدة: قد عرفت مما سلف وجوب الفاتحة على كل إمام ومأموم في كل ركعة وعرّفناك أن تلك الأدلة صالحة للاحتجاج بها على أن قراءة الفاتحة من شروط صحة الصلاة، فمن زعم أنها تصح صلاة من الصلوات أو ركعة من الركعات بدون فاتحة الكتاب فهو محتاج إلى إقامة برهان يخصص تلك الأدلة.

ومن ههنا يتبين لك ضعف ما ذهب إليه الجمهور أن من أدرك الإمام راكعًا دخل معه واعتدّ بتلك الركعة وإن لم يدرك شيئًا من القراءة (٤).


(١) في المحلى (٣/ ٢٣٦) و (٤/ ٩٨).
(٢) تقدم تخريجه برقم (٢١/ ٦٨٢) من كتابنا هذا.
(٣) شفاء الأوام (١/ ٣٥١).
(٤) سيأتي الكلام على هذه المسألة في الباب الثالث عشر، باب المسبوق يدخل مع الإمام على أي حال كان، ولا يعتد بركعة لا يدرك ركوعها.
عند الحديث رقم (٣٧/ ١٠٦٥) و (٣٨/ ١٠٦٧) و (٣٩/ ١٠٦٧) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>