للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (بالطور) أي بسورة الطور. قال ابن الجوزي (١): يحتمل أن تكون الباء بمعنى (من) كقوله تعالى: ﴿يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ﴾ (٢) وهو خلاف الظاهر وقد ورد في الأحاديث ما يشعر بأنه قرأ السورة كلها، فعند البخاري في التفسير (٣) بلفظ: سمعته يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ هذه الآية: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (٣٥)(٤) الآيات إلى قوله: ﴿الْمُصَيْطِرُونَ﴾ (٥) كاد قلبي يطير.

وقد ادعى الطحاوي (٦) أنه لا دلالة في شيء من الأحاديث على تطويل القراءة لاحتمال أن يكون المراد أنه قرأ بعض السورة ثم استدل لذلك بما رواه من طريق هشيم عن الزهري في حديث جبير بلفظ سمعته يقرأ: ﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (٧)(٧) قال فأخبر أن الذي سمعه من هذه السورة هو هذه الآية [خاصة] (٨). وليس في السياق ما يقتضي قوله خاصة وحديث البخاري (٣) المتقدم يبطل هذه الدعوى.

وقد ثبت في رواية (٩) أنه سمعه يقرأ: ﴿وَالطُّورِ (١) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (٢)(١٠).

ومثله لابن سعد وزاد في أخرى فاستمعت قراءته حتى خرجت من المسجد.

وأيضًا لو كان اقتصر على قراءة تلك الآية كما زعم لما كان لإنكار زيد بن ثابت على مروان كما في الحديث المتقدم (١١) معنى لأن الآية أقصر من قصار المفصل.

وقد روي أن زيدًا قال له: إنك تخفف القراءة في الركعتين من المغرب فوالله لقد كان رسول الله يقرأ فيهما بسورة الأعراف في الركعتين جميعًا أخرج هذه الرواية ابن خزيمة (١٢).


(١) انظر: "فتح الباري" (٢/ ٢٤٨).
(٢) سورة الإنسان: الآية ٦.
(٣) (٨/ ٦٠٣) رقم (٤٨٥٤ - مع الفتح).
(٤) سورة الطور: الآية ٣٥.
(٥) سورة الطور: الآية ٣٧.
(٦) في شرح معاني الآثار (١/ ٢١٢).
(٧) سورة الطور: الآية ٧.
(٨) ما بين الخاصرتين سقط من (جـ).
(٩) أخرجه الطبراني في الكبير (ج ٢) رقم (١٤٩٣).
(١٠) سورة الطور: الآيتان ١، ٢.
(١١) البخاري في صحيحه رقم (٧٦٤) وقد تقدم برقم (٤٤٣) من كتابنا هذا.
(١٢) في صحيحه رقم (٥١٧) و (٥١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>