للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رأيتموني أصلي" (١) وبقول الله تعالى ﴿وَسَبِّحُوهُ﴾ (٢) ولا وجوب في غير الصلاة فتعين أن يكون فيها، وبالقياس على القراءة.

واحتج الجمهور بحديث المسيء صلاته (٣) فإن النبي علمه واجبات الصلاة ولم يعلمه هذه الأذكار، مع أنه علمه تكبيرة الإحرام والقراءة فلو كانت هذه الأذكار واجبة لعلمه إياها، لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز (٤)، فيكون تركه لتعلمه، دالًا على أن الأوامر الواردة بما زاد على ما علمه للاستحباب لا للوجوب.

والحديث يدل على أن التسبيح في الركوع والسجود يكون بهذا اللفظ فيكون مفسرًا لقوله في حديث عقبة (٥): "اجعلوها في ركوعكم، اجعلوها في سجودكم" وإلى ذلك ذهب الجمهور من أَهل البيت (٦)، وبه قال جميع من عداهم.

وقال الهادي والقاسم والصادق (٧): إنه سبحان الله العظيم وبحمده في الركوع. وسبحان الله الأعلى وبحمده في السجود.

واستدلوا بظاهر قوله: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٧٤)(٨) و ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ


(١) أخرجه أحمد (٥/ ٥٣) والبخاري رقم (٦٨٥) ومسلم رقم (٦٧٤) والنسائي (٢/ ٩) والترمذي رقم (٢٠٥).
وهو حديث صحيح.
(٢) سورة الأحزاب: الآية ٤٢.
(٣) برقم (٩٩/ ٧٦٠) من كتابنا هذا.
(٤) قال الشوكاني في "إرشاد الفحول" (ص ٥٧٩) بتحقيقي: بعد أن ذكر المذاهب المروية في هذه المسألة قال: "إذا تتبعت موارد هذه الشريعة المطهرة وجدتها قاضية بجواز تأخير البيان من وقت الخطاب قضاءً ظاهرًا واضحًا لا ينكره من له أدنى خبرة بها وممارسة لها، وليس على هذه المذاهب المخالفة لما قاله المجوزون أثارة من علم.
وقد اختلف القائلون بجواز التأخير في جواز تأخير البيان على التدريج بأن يبيِّنَ بيانًا أولًا، ثم يبيّن بيانًا ثانيًا كالتخصيص بعد التخصيص. والحق الجواز لعدم المانع من ذلك، لا من شرع ولا عقل، فالكلُّ بيان" اهـ.
وانظر: الكوكب المنير (٣/ ٤٥٤ - ٤٥٥).
(٥) برقم (٧٣/ ٧٣٤) من كتابنا هذا.
(٦) انظر: "شفاء الأوام" (١/ ٢٨٧) والبحر الزخار (١/ ٢٥٦).
(٧) انظر المصدرين السابقين.
(٨) سورة الحاقة: الآية ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>