للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحاصل أنه لا معارضة بين حديث القلَّتين وحديث: "الماء طهور لا ينجسه شيء" (١) فيما بلغ مقدار القلتين فصاعدًا فلا يحمل الخبث ولا ينجس بملاقاة النجاسة إلا أن يتغير أحد أوصافه فنجس بالإجماع فيخص به حديث القلتين، وحديث: "لا ينجسه شيء" (١)، وأما ما دون القلتين فإن تغيَّر خرج عن الطهارة بالإجماع وبمفهوم حديث القلتين فيخص بذلك عموم حديث: "لا ينجسه شيء" (١) وإن لم يتغير بأن وقعت فيه نجاسة لم تغيره، فحديث: "لا ينجسه شيء" يدل بعمومه على عدم خروجه عن الطهارة لِمجرد ملاقاة النجاسة، وحديث القلتين يدل بمفهومه على خروجه عن الطهورية بملاقاتها، فمن أجاز التخصيص بمثل هذا المفهوم قال به في هذا المقام، ومن منع منه منعه فيه.

ويؤيد جواز التخصيص بهذا المفهوم لذلك العموم بقية الأدلة التي استدل بها القائلون بأن الماء القليل ينجس بوقوع النجاسة فيه وإن لم تغيره كما تقدم، وهذا المقام من المضايق التي لا يهتدي إلى ما هو الصواب فيها إلا الأفراد، وقد حققت المقام بما هو أطول من هذا وأوضح في "طيب النشر على المسائل العشر" (٢) وللناس في تقدير القليل والكثير أقوال ليس [عليه] (٣) أثارة من علم (٤) فلا نشتغل بذكرها.

١٤/ ١٤ - (وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ بْنِ الخطَّابِ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله وَهُوَ يُسْئَلُ عَنِ المَاءِ يَكُونُ بِالفَلاةِ مِنَ الأرْضِ وَمَا يَنُوبُهُ مِنَ السِّباعِ وَالدَّوَابِّ، فَقالَ: "إذا كَانَ المَاءُ قُلَّتَينِ لَمْ يحْمِلِ الخبَثَ". رواه الخَمْسَةُ (٥)، وفي لَفْظِ ابْنِ مَاجَهْ (٦) وَرِوَايَةٍ لأحْمَدَ (٧): "لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيءٌ"). [صحيح]


(١) تقدم تخريجه رقم (١٣/ ١٣) من كتابنا هذا.
(٢) مخطوط. انظر مؤلفات الإمام الشوكاني المخطوطة رقم (١٢٧).
(٣) في (جـ): (عليها).
(٤) انظر التعليقة رقم (٢) من الصفحة ص ١٧٦ من كتابنا هذا.
(٥) أحمد في المسند (٢/ ١٢، ٢٧، ٣٨) وأبو داود في السنن رقم (٦٣) والترمذي (١/ ٩٧ رقم ٦٧) والنسائي (١/ ١٧٥) وابن ماجه (١/ ١٧٢ رقم ٥١٧).
(٦) في السنن رقم (٥١٧).
(٧) في المسند (٢/ ٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>