للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحديث يدل على مشروعية تطويل الاعتدال من الركوع والجلسة بين السجدتين.

وقد ذهب بعض الشافعية إلى بطلان الصلاة بتطويل الاعتدال والجلوس بين السجدتين محتجًا بأن طولهما ينفي الموالاة، وما أدري ما يكون جوابه عن حديث الباب (١)، وعن حديث حذيفة الآتي بعده (٢)، وعن حديث البراء المتفق عليه (٣): "أنه كان ركوعه وسجوده وإذا رفع من الركوع وبين السجدتين قريبًا من السواء" ولفظ مسلم (٤): "وجدت قيامه فركعته فاعتداله" الحديث. وفي لفظ للبخاري (٥): "كان ركوع النبي وسجوده وبين السجدتين وإذا رفع رأسه من الركوع ما خلا القيام والقعود قريبًا من السواء".

قال ابن دقيق العيد (٦): هذا الحديث يدل على أن الاعتدال ركن طويل، وحديث أنس أصرح في الدلالة على ذلك بل هو نص فيه، فلا ينبغي العدول عنه لدليل ضعيف وهو قولهم لم يسن فيه تكرير التسبيحات كالركوع والسجود. ووجه ضعفه أنه قياس في مقابلة النص فهو فاسد انتهى. على أنه قد ثبتت مشروعية أذكار في الاعتدال أكثر من التسبيح المشروع في الركوع والسجود كما تقدم وسيأتي.

وأما القول بأن طولهما ينفي الموالاة فباطل لأن معنى الموالاة أن لا يتخلل فصل طويل بين الأركان مما ليس فيها وما ورد به الشرع لا يصح نفي كونه منها وقد ترك الناس هذه السنة الثابتة بالأحاديث الصحيحة محدثهم وفقيههم ومجتهدهم ومقلدهم، فليت شعري ما الذي عولوا عليه في ذلك والله المستعان (٧).


(١) رقم (٩٦/ ٧٥٧) من كتابنا هذا.
(٢) برقم (٩٧/ ٧٥٨) من كتابنا هذا.
(٣) البخاري رقم (٧٩٢) ومسلم رقم (١٩٣/ ٤٧١).
(٤) رقم (١٩٣/ ٤٧١).
(٥) رقم (٧٩٢).
(٦) في "إحكام الأحكام" (١/ ٢٣١).
(٧) قلت: انظر: "صحيح كتاب الأذكار وضعيفه" للأخ أبي أسامة سليم بن عيد الهلالي.
- باب أذكار الركوع: (١/ ١٥٩ - ١٦٣).
- باب ما يقوله في رفع رأسه من الركوع وفي اعتداله: (١/ ١٦٣ - ١٦٥).
- باب أذكار السجود: (١/ ١٦٦ - ١٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>