للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإن كانت صيغة الأمر الواردة بوجوب زيادة على هذا الحديث غير معلومة التقدم عليه ولا التأخر ولا المقارنة فهذا محل الإشكال ومقام الاحتمال، والأصل عدم الوجوب والبراءة منه حتى يقوم دليل يوجب الانتقال عن الأصل والبراءة، ولا شك أن الدليل المفيد للزيادة على حديث المسيء إذا التبس تاريخه محتمل لتقدمه عليه وتأخره فلا ينتهض للاستدلال به على الوجوب.

وهذا التفصيل لا بد منه وترك مراعاته خارج عن الاعتدال إلى حد الإفراط أو التفريط لأن قصر الواجبات على حديث المسيء فقط وإهدار الأدلة الواردة بعده تخيلًا لصلاحيته لصرف كل دليل يرد بعده دالًا على الوجوب سدّ لباب التشريع ورد لما تجدّد من واجبات الصلاة ومنع للشارع من إيجاب شيء منها وهو باطل لما عرفت من تجدد الواجبات في الأوقات.

والقول بوجوب كل ما ورد الأمر به من غير تفصيل يؤدي إلى إيجاب كل أقوال الصلاة وأفعالها التي ثبتت عنه غير فرق بين أن يكون ثبوتها قبل حديث المسيء أو بعده لأنها بيان للأمر القرآني أعني قوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ (١) ولقوله : "صلوا كما رأيتموني أصلي" (٢) وهو باطل لاستلزامه تأخير البيان عن وقت الحاجة وهو لا يجوز عليه .

وهذا الكلام في كل دليل يقضي بوجوب أمر خارج عن حديث المسيء ليس بصيغة الأمر كالتوعد على الترك أو الذم لمن لم يفعل.

وهكذا يفصل في كل دليل يقتضي عدم وجوب شيء مما اشتمل عليه حديث المسيء أو تحريمه إن فرضنا وجوده.

وقد استدل بالحديث على عدم وجوب الإقامة، ودعاء الافتتاح، ورفع اليدين في الإحرام وغيره، ووضع اليمنى على اليسرى، وتكبيرات الانتقال، وتسبيحات الركوع والسجود، وهيئات الجلوس، ووضع اليد على الفخد، والقعود ونحو ذلك.


(١) سورة البقرة: الآية ٤٣.
(٢) تقدم تخريجه رقم (٦٦٣) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>