للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (ثم يتخير من المسألة) قد قدمنا في باب الأمر بالتشهد الأوّل اختلاف الروايات في هذه الكلمة وفي ذلك دليل على مشروعية الدعاء في الصلاة قبل السلام من أمور الدنيا والآخرة ما لم يكن إثمًا وإلى ذلك ذهب الجمهور (١).

وقال أبو حنيفة (٢): لا يجوز إلا بالدعوات المأثورة في القرآن والسنة.

وقالت الهادوية (٣): لا يجوز مطلقًا.

والحديث وغيره من الأدلة المتكاثرة التي فيها الإذن بمطلق الدعاء ومقيده ترد عليهم ولولا ما رواه ابن رسلان عن البعض من الإجماع على عدم وجوب الدعاء قبل السلام لكان الحديث منتهضًا للاستدلال به عليه لأن التخيير في آحاد الشيء لا يدل على عدم وجوبه كما قال ابن رشد، وهو المتقرر في الأصول (٤) على أنه قد ذهب إلى الوجوب أهل الظاهر (٥)، وروي عن أبي هريرة.

وقد استدل بقوله في الحديث (٦): "إذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل" وبقوله في الرواية الأخرى (٦) "وأمره أن يعلمه الناس" القائلون بوجوب التشهد الأخير وهم: عمر، وابن عمر، وابن مسعود (٧)، والهادي، والقاسم (٨)، والشافعي (٩).

وقال النووي في شرح مسلم (١٠): مذهب أبي حنيفة (١١) ومالك (١٢) وجمهور الفقهاء أن التشهدين سنة وإليه ذهب الناصر من أهل البيت (١٣) [] (١٤). قال: وروي عن مالك القول بوجوب الأخير.

واستدل القائلون بالوجوب أيضًا بقول ابن مسعود: كنا نقول قبل أن يفرض


(١) انظر: "المغني" لابن قدامة (٢/ ٢٣٧ - ٢٣٨)، وفتح الباري (٢/ ٣٢١).
(٢) البناية شرح الهداية (٢/ ٣٢٣).
(٣) البحر الزخار (١/ ٢٧٩).
(٤) انظر: "البحر المحيط" (١/ ١٨٦، ١٩٠).
(٥) في "المحلى" (٣/ ٢٧١).
(٦) تقدم برقم (١١٣/ ٧٧٤) من كتابنا هذا.
(٧) ذكر ذلك ابن قدامة في "المغني" (٢/ ٢٢٦).
(٨) انظر: البحر الزخار (١/ ٢٧٦).
(٩) في "الأم" (٢/ ٢٧١).
(١٠) (٤/ ١١٨).
(١١) البناية شرح الهداية (٢/ ٣٢٢).
(١٢) الاستذكار لابن عبد البر (٤/ ٢٨٣).
(١٣) البحر الزخار (١/ ٢٧٦ - ٢٧٧).
(١٤) زيادة من المخطوط (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>