للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وليس فيها ما يعين محل النزاع وهو إيقاعها بعد التشهد الأخير.

ويمكن الاعتذار عن القول بالوجوب بأن الأوامر المذكورة في الأحاديث تعليم كيفية، وهي لا تفيد الوجوب فإنه لا يشك من له ذوق أن من قال لغيره: إذا أعطيتك درهمًا فكيف أعطيك إياه، أسرًا أم جهرًا؟ فقال له: أعطنيه سرًا، كان ذلك أمرًا بالكيفية التي هي السرية لا أمرًا بالإعطاء، وتبادر هذا المعنى لغة وشرعًا وعرفًا لا يدفع.

وقد تكرر في السنة وكثر فمنه "إذا قام أحدكم الليل فليفتتح الصلاة بركعتين خفيفتين" (١) الحديث.

وكذا قوله في صلاة الاستخارة: "فليركع ركعتين ثم ليقل" (٢) الحديث.

وكذا قوله في صلاة التسبيح: "فقم وصل أربع ركعات" (٣).

وقوله في الوتر: "فإذا خفت الصبح فأوتر بركعة" (٤).

والقول بأن هذه الكيفية المسؤول عنها هي كيفية الصلاة المأمور بها في القرآن فتعليمها بيان للواجب المجمل (٥)، فتكون واجبة لا يتم إلا بعد تسليم أن الأمر القرآني بالصلاة مجمل وهو ممنوع لاتضاح معنى الصلاة والسلام المأمور بهما، على أنه قد حكى الطبري (٦) الإجماع على أن محمل الآية على الندب فهو بيان لمجمل مندوب لا واجب.


(١) أخرجه أحمد (٢/ ٢٧٨ - ٢٧٩) ومسلم رقم (٧٦٨) وأبو داود رقم (١٣٢٣) من حديث أبي هريرة. وهو حديث صحيح سيأتي برقم (٩٥٤) من كتابنا هذا.
(٢) أخرجه أحمد (٣/ ٣٤٤) والبخاري رقم (٦٣٨٢) وأبو داود رقم (١٥٣٨) والترمذي رقم (٤٨٠) والنسائي (٦/ ٨٠) وابن ماجه رقم (١٣٨٣) من حديث جابر بن عبد الله. وهو حديث صحيح سيأتي برقم (٩٦٥) من كتابنا هذا.
(٣) أخرجه أبو داود رقم (١٢٩٨)، عن أبي الجوزاء، قال: حدثني رجل كانت له صحبة - يرون أنه عبد الله بن عمرو -. إسناده حسن.
(٤) أخرجه البخاري رقم (٩٩٠) ومسلم رقم (١٤٧/ ٧٤٩) وأحمد (٢/ ١٠٢) من حديث ابن عمر. وسيأتي برقم (٩١٧) من كتابنا هذا.
(٥) انظر: "إرشاد الفحول" (ص ٥٥٠، ٥٥٤ - ٥٥٥) بتحقيقي.
(٦) ذكره القاضي عياض في "الشفا" (٢/ ٦٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>