للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد أَجاب عن ذلك ابن حبان في صحيحه (١) فقال: توهم من لم يطلب العلم من مظانه أن نسخ الكلام في الصلاة كان بالمدينة قال: وليس مما يذهب إليه الوهم فيه في شيء منه وذلك لأن زيد بن أرقم كان من الأنصار من الذين أسلموا بالمدينة وصلوا بها قبل هجرة المصطفى وكانوا يصلون بالمدينة كما يصلي المسلمون بمكة في إباحة الكلام في الصلاة لهم فلما نسخ ذلك بمكة نسخ كذلك بالمدينة فحكى زيد ما كانوا عليه لا أن زيدًا حكى ما لم يشهده في الصلاة، وهذا الجواب يرده قول زيد المتقدم (٢): (كنا نتكلم خلف رسول الله ).

وأيضًا قد ذكر ابن حبان (٣) نفسه أن نسخ الكلام في الصلاة كان عند رجوع ابن مسعود من أرض الحبشة قبل الهجرة بثلاث سنين وإذا كان كذلك فلم يكن الأنصار حينئذٍ قد صلوا ولا أسلموا، فإن إسلام من أسلم منهم كان حين أتى النفر الستة من الخزرج عند العقبة فدعاهم إلى الله فآمنوا ثم جاء في الموسم الثاني منهم اثنا عشر رجلًا فبايعوه وهي بيعة العقبة الأولى ثم جاؤوا في الموسم الثالث فبايعوه بيعة العقبة الثانية ثم هاجر إليهم في شهر ربيع الأول فكان إسلامهم قبل الهجرة بسنتين وثلاثة أشهر.

وأجاب العراقي عن ذلك الإشكال بأن الرواية الصحيحة المتفق عليها في حديث ابن مسعود (٤) هي أن النبي أجابه بقوله: (إن في الصلاة لشغلًا) فيحتمل أنه رأى ذلك منه اجتهادًا قبل نزول الآية.

[قال] (٥): وأما الرواية التي فيها (إن الله قد أحدث من أمره أن لا يتكلم في الصلاة) (٤) فلا تقاوم الرواية الأولى للاختلاف في [راويها] (٦) وعلى تقدير ثبوتها فلعله أوحى إليه ذلك بوحي غير القرآن وفي أن الترجيح فرع التعارض ولا تعارض لأن رواية (أن لا تتكلموا) زيادة ثابتة من وجه معتبر كما سيأتي فقبولها متعين.


(١) في صحيحه (٦/ ٢٧ - ٢٨).
(٢) في الحديث رقم (١/ ٨٢٢) من كتابنا هذا.
(٣) في صحيحه (٦/ ٢٦ - ٢٧).
(٤) سيأتي تخريجه رقم (٢/ ٨٢٣) من كتابنا هذا.
(٥) زيادة من المخطوط (أ).
(٦) في المخطوط (ب): (رواتها).

<<  <  ج: ص:  >  >>