للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قد أفتى بذلك أحمد بن حنبل وغيره. وروي عن مالك أيضًا، ذكر ذلك الحافظ ابن حجر (١).

وجواب البيهقي عن ذلك بأن أبا هريرة أحفظ من غيره فروايته أرجح وليس فيها هذه الزيادة مردود بأن في حديث عبد الله بن مغفل زيادة وهو مجمع على صحته، وزيادة الثقة يتعين المصير إليها إذا لم تقع منافية.

وقد خالفت الحنفية (٢) والعترة (٣) في وجوب التتريب كما خالفوا في التسبيع، ووافقهم ههنا المالكية (٤) مع إيجابهم التسبيع على المشهور عندهم، قالوا: لأن التتريب لم يقع في رواية مالك، قال القرافي (٥) منهم: قد صحت فيه الأحاديث فالعجب منهم كيف لم يقولوا بها.

وقد اعتذر القائلون بأن التتريب غير واجب بأن رواية التتريب مضطربة لأنها ذكرت بلفظ أولاهن وبلفظ أخراهن وبلفظ إحداهن، وفي رواية السابعة، وفي رواية الثامنة، والاضطراب يوجب الإطراح.

وأجيب بأن المقصود حصول التتريب في مرة من المرَّات وبأن إحداهن مبهمة، وأولاهن معينة، وكذلك أخراهن، والسابعة والثامنة، ومقتضى حمل المطلق على المقيد أن تحمل المبهمة على إحدى المرات المعينة، ورواية أولاهن أرجح من حيث الأكثرية والأحفظية، ومن حيث المعنى أيضًا، لأن تتريب الآخرة يقتضي الاحتياج إلى غسلة أخرى لتنظيفه، وقد نص الشافعي على أن الأولى أولى كذا في الفتح (٦).

وقد وقع الخلاف هل يكون التتريب في الغسلات السبع أو خارجًا عنها؟ وظاهر حديث عبد الله بن مغفل أنه خارج عنها، وهو أرجح من غيره لما عرفت فيما تقدم.


(١) انظر: "فتح الباري" (١/ ٢٧٧).
(٢) انظر: شرح معاني الآثار (١/ ٢٢).
(٣) انظر: البحر الزخار في مذاهب علماء الأمصار (١/ ٢٠).
(٤) انظر: "فتح البر في الترتيب الفقهي لتمهيد ابن عبد البر" (١/ ٧٤).
(٥) ذكر ذلك ابن حجر في "الفتح" (١/ ٢٧٦).
(٦) (١/ ٢٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>