للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأجيب بأنه استثناء منقطع (١)، ومعناه: لكن ذلك موكول إلى مشيئة المرء بدليل قوله: "ومن لم يسجد فلا إثم عليه".

لا يقال الاستدلال بقول عمر على عدم الوجوب لا يكون مثبتًا للمطلوب لأنه قول صحابي ولا حجة فيه.

لأنه يقال أوّلًا: إن القائل بالوجوب وهم الحنفية (٢) يقولون بحجية أقوال الصحابة (٣).

وثانيًا: أن تصريحه بعدم الفرضية وبعدم الإثم على التارك في مثل هذا


(١) لأن الاتصال شرط من شروط صحة الاستثناء، أي الاتصال بالمستثنى منه لفظًا، بأن يكون الكلام واحدًا غير منقطع ويلحق به ما هو في حكم الاتصال وذلك بأن يقطعه لعذر كسُعال أو عطاس أو نحوهما مما لا يعدّ فاصلًا بين أجزاء الكلام.
فإن انفصل لا على هذا الوجه كان لغوًا ولم يثبت حكمه.
واعلم أن من شروط صحة الاستثناء أيضًا.
أ - أن يكون الاستثناء غير مستغرق فإن كان مستغرقًا فهو باطل بالإجماع.
قال ابن جني: لو قال له عندي مئة إلَّا تسعة وتسعين ما كان متكلمًا بالعربية، وكان عبثًا من القول.
وقال ابن قتيبة في كتاب المسائل: إن ذلك يعني استثناء الأكثر لا يجوز في اللغة لأن تأسيس الاستثناء على تدارك الأقل من كثير أغفلته أو نسبته لقلته ثم تداركته بالاستثناء.
[البحر المحيط (٣/ ٢٨٩) والتبصرة (ص ١٦٨)].
ب - أن يلي الكلام بلا عاطف، فأما إذا وليه بحرف العطف. نحو: عندي له عشرة دراهم إلا درهمًا أو فإلا درهمًا كان لغوًا.
[الإحكام للآمدي (٢/ ٣١٩) والبحر المحيط (٣/ ٢٩٣) وإرشاد الفحول (ص ٤٩٥ - ٥٠٠) بتحقيقي.
(٢) انظر: المسودة (ص ٢٧٦، ٣٣٦، ٤٧٠).
قلت: وممن قال بقول الحنفية: شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (٣٣/ ١٣٦، ١٧٣). حيث قال: (والذي يتبين لي أنه واجب) واستدل بآيات قرآنية وخالفه العلامة ابن عثيمين في الشرح الممتع (٤/ ١٢٩) بأن السجود ليس بواجب ورد على الآيات التي استدل بها ابن تيمية .
وسجود التلاوة سنة للقارئ والمستمع بلا خلاف عند الشافعية كما في المجموع (٣/ ٥٥١ - ٥٥٢).
وكذلك سنة عند المالكية. انظر: الكافي لابن عبد البر (١/ ٢٦٢) والإشراف (١/ ٩٤).
وأيضًا سنة مؤكدة عند الحنابلة. انظر: المغني (٢/ ٣٦٤ - ٣٦٦).
(٣) انظر: نزهة الخاطر العاطر للدوسي (١/ ٤٠٣ - ٤٠٦) وإرشاد الفحول (ص ٧٩٥ - ٧٩٩) بتحقيقي، وأثر الأدلة المختلف فيها للبغا (ص ٣٣٨ - ٣٥٢). الوجيز في أصول الفقه للدكتور عبد الكريم زيدان (ص ٢٦٠ - ٢٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>