للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأخرج مسلم (١) من حديث زينب امرأة ابن مسعود: "إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمسّ طيبًا".

وأوّل حديث أبي هريرة متفق عليه (٢) من حديث ابن عمر كما عرفت.

قوله: (إذا استأذنكم نساؤكم بالليل) لم يذكر أكثر الرواة: "بالليل"، كذا أخرجه مسلم وغيره.

وخصّ الليل بالذكر لما فيه من الستر بالظلمة.

قال النووي: واستدلّ به على أن المرأة لا تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه لتوجه الأمر إلى الأزواج بالإذن. وتعقبه ابن دقيق العيد بأن ذلك إن كان أخذًا بالمفهوم فهو مفهوم لقب ضعيف (٣).

لكن يتقوّى بأن يقال: إنّ منع الرجال نساءهم أمر متقرر، وإنما علق الحكم بالمسجد لبيان محلّ الجواز، فبقي ما عداه على المنع.

وفيه إشارة إلى أن الإذن المذكور لغير الوجوب؛ لأنه لو كان واجبًا لا يبقى معنى للاستئذان؛ لأن ذلك إنما هو متحقق إذا كان المستأذن مجيزًا في الإجابة، والردّ.


(١) في صحيحه رقم (١٤٢/ ٤٤٢).
(٢) البخاري رقم (٩٠٠) ومسلم رقم (١٣٦/ ٤٤٢).
(٣) مفهوم اللقب وهو تعليق الحكم بالاسم العلم نحُو: قام زيدٌ، أو اسم النوع نحو: في الغنم زكاة. ولم يعمل به أحد إلا أبو بكر الدقّاقُ كذا قيل … وقال إمام الحرمين الجويني في البرهان - (١/ ٤٥٣ - ٤٥٤) - وصار إليه الدقاق وصار إليه طوائف من أصحابنا، ونقله أبو الخطاب الحنبلي في التمهيد عن منصوص أحمد، قال: وبه قال مالكٌ وداودُ وبعض الشافعية. ونقل القول به عن ابن خُوازِ مَنْداد، والباجي، وابن القصّار، وحكى ابنُ برهان في الوجيز التفصيل عن بعض الشافعية وهو أنه يعمل به في أسماء الأنواع، لا في أسماء الأشخاص.
وحكى ابن حمدان، وأبو يعلى من الحنابلة تفصيلًا آخر، وهو العملُ بما دلت عليه القرينةُ دون غيره.
والحاصلُ أن القائلَ به كُلًّا أو بعضًا لم يأت بحجة لغويةٍ ولا شرعيةٍ ولا عقليةٍ، ومعلوم من لسان العرب أن من قال رأيتُ زيدًا لم يقتضِ أنه لم ير غيره قطعًا.
وأما إذا دلت القرينة على العمل به فذلك ليس إلا للقرينة فهو خارجٌ عن محل النزاع.
إرشاد الفحول. للشوكاني (ص ٦٠١ - ٦٠٢) بتحقيقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>