للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد تمسك بعضهم في منع النساء من المساجد مطلقًا بقول عائشة، وفيه نظر، إذ لا يترتب على ذلك تغيُّرُ الحكْمِ لأنها علَّقته على شرط لم يُوجَد في [زمانه] (١) ، بل قالت ذلك بناء على ظنّ ظنته فقالت: "لو رأى لمنع" فيقال عليه لم ير ولم يمنع وظنها ليس بحجة.

قوله: (كما منعت بنو إسرائيل نساءها) هذا وإن كان موقوفًا فحكمه الرفع لأنه لا يقال بالرأي (٢)، وقد روى نحوه عبد الرزاق (٣) عن ابن مسعود بإسناد صحيح.

قوله: (قالت نعم) يحتمل أنها تلقته عن عائشة، ويحتمل أن يكون عن غيرها.

وقد ثبت ذلك من حديث عروة عن عائشة موقوفًا، أخرجه عبد الرزاق (٤) بإسناد صحيح.

ولفظه: "قالت: كن نساء بني إسرائيل يتخذن أرجلًا من خشب يتشرّفن للرجال في المساجد، فحرّم الله تعالى عليهنّ المساجد وسلطت عليهنّ الحيضة".

وقد حصل من الأحاديث المذكورة في هذا الباب أن الإذن للنساء من الرجال إلى المساجد إذا لم يكن في خروجهنّ ما يدعو إلى الفتنة من طيب أو حليّ أو أيّ زينة واجب على الرجال، وأنه لا يجب مع ما يدعو إلى ذلك ولا يجوز، ويحرم عليهنّ الخروج لقوله: "فلا يشهدن" (٥) وصلاتهنّ على كل حال في بيوتهنّ أفضل من صلاتهنّ في المساجد.


(١) في المخطوط (ب): (زمنه).
(٢) قال الشيخ عبد العزيز بن باز في تعليقه على الفتح (٢/ ٣٥٠ رقم التعليقة: (١)) هذا فيه نظر، والأقرب أنها تلقت ما ذكر عن نساء بني إسرائيل. ويدل على إنكار الرفع قولها: وسلطت عليهن الحيضة، والحيض موجود في بني إسرائيل وقبل بني إسرائيل، وقد صح عن النبي أنه قال لعائشة لما حاضت في حجة الوداع: "إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم" والكلام في أثر ابن مسعود المذكور كالكلام في أثر عائشة. والله أعلم.
(٣) في المصنف رقم (٥١١٥) بسند صحيح. قاله الحافظ في الفتح (٢/ ٣٥٠).
(٤) في المصنف رقم (٥١١٤) بسند صحيح. قاله الحافظ في الفتح (٢/ ٣٥٠).
(٥) تقدم برقم (١٠٣٨) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>