للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حال، فلو كان ما يدركه مع الإمام آخرًا له لما احتاج إلى إعادة التشهد.

وقول ابن بطال (١): إنه ما تشهد إلا لأجل السلام؛ لأن السلام يحتاج إلى سبق تشهد ليس بالجواب الناهض على دفع الإيراد المذكور.

واستدلّ ابن المنذر (٢) لذلك أيضًا أنهم أجمعوا على أن تكبيرة الافتتاح لا تكون إلا في الركعة الأولى، وقد عمل بمقتضى اللفظين الجمهور فإنهم قالوا: إن ما أدرك مع الإمام هو أوّل صلاته إلا أنه يقضي مثل الذي فاته من قراءة السورة مع أمّ القرآن في الرباعية، لكن لم يستحبوا له إعادة الجهر في الركعتين الباقيتين، وكأنَّ الحجة فيه قول عليّ (٣): "ما أدركت مع الإمام فهو أوّل صلاتك، واقض ما سبقك به من القرآن"، أخرجه البيهقي (٤).

وعن إسحق والمزني (٥): أنه لا يقرأ إلا أمّ القرآن فقط، قال الحافظ (٦): وهو القياس.

قوله: (إذا سمعتم الإقامة) هو أخص من قوله في حديث أبي قتادة (٧): "إذا أتيتم الصلاة"، لكن الظاهر أنه في مفهوم الموافقة.

وأيضًا سامع الإقامة لا يحتاج إلى الإسراع لأنه يتحقق إدراك الصلاة كلها فينتهي عن الإسراع من باب الأولى.

وقد لحظ بعضهم معنى غير هذا فقال: الحكمة في التقييد بالإقامة أن المسرع إذا أقيمت الصلاة يصل إليها فيقرأ في تلك الحال فلا يحصل تمام الخشوع في الترتيل وغيره، بخلاف من جاء قبل ذلك فإن الصلاة قد لا تقام حتى يستريح.

وفيه أنه لا يكره الإسراع لمن جاء قبل الإقامة، وهو مخالف لصريح قوله:


(١) في شرحه لصحيح البخاري (٢/ ٢٦٢).
(٢) في الأوسط (٤/ ٢٣٨).
(٣) تقدم التعليق على ذلك.
(٤) في السنن الكبرى (٢/ ٢٩٨).
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٢/ ٣٢٣) وعبد الرزاق في المصنف (٢/ ٢٢٦ رقم ٣١٦٠).
(٥) ذكره الحافظ في "الفتح" (٢/ ١١٩).
(٦) في "الفتح" (٢/ ١١٩).
(٧) تقدم برقم (١٠٤٤) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>