للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد قوّى الحافظ في الفتح (١) إسناد حديث بريدة (٢)، ولكنه قال: هي رواية شاذّة (٣).

وطريقُ الجمعِ الحملُ على تعدُّدِ الواقعةِ كما تقدم.

أو ترجيحُ ما في الصحيحين مع عدم الإمكان كما قال بعضهم: إن الجمع بتعدُّدِ الواقعةِ مشكلٌ؛ لأنه لا يظنّ بمعاذ أن يأمره النبيّ بالتخفيف ثم يعود.

وأجيب عن ذلك باحتمال أن يكون معاذ قرأ أوّلًا بالبقرة، فلما نهاه قرأ اقتربت وهي طويلة بالنسبة إلى السور التي أمره بقراءتها.

ويحتمل أن يكون النهي وقع أوّلًا لما يخشى من تنفير بعض من يدخل في الإسلام، ثم لما اطمأنت نفوسهم ظنّ أن المانع قد زال فقرأ فاقتربت؛ لأنه سمع النبيّ يقرأ في المغرب بالطور (٤)، فصادف صاحب الشغل، كذا قال الحافظ (٥).

وجمع النووي باحتمال أن يكون قرأ في الأولى بالبقرة فانصرف رجل، ثم قرأ اقتربت في الثانية فانصرف آخر.

وقد استدلّ المصنف بحديث أنس (٦) وبريدة (٢) المذكورين على جواز صلاة من قطع الائتمام بعد الدخول فيه لعذر وأتمّ لنفسه.

وجمع بينه وبين ما في الصحيحين من أنه سلم من استأنف بتعدّد الواقعة.

ويمكن الجمع بأن قول الرجل: "تجوّزت في صلاتي" كما في حديث أنس (٦)، وكذلك قوله: "فصلى وذهب" كما في حديث بريدة (٢) لا ينافي الخروج من صلاة الجماعة بالتسليم واستئنافها فرادى والتجوّز فيها؛ لأن جميع الصلاة توصف بالتجوّز كما توصف به بقيتها.


(١) (٢/ ١٩٣).
(٢) تقدم برقم (١٠٥٨) من كتابنا هذا.
(٣) قال الحافظ في "الفتح" (٢/ ١٩٣): " … ووقع عند أحمد - في المسند (٥/ ٣٥٥) - من حديث بريدة بإسناد قوي، فقرأ "اقتربت الساعة" وهي شاذة إلا إن حمل على التعدد … " اهـ.
(٤) أخرجه البخاري رقم (٧٦٥) ومسلم رقم (١٧٤/ ٤٦٣). من حديث محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه.
(٥) في "الفتح" (٢/ ١٩٤).
(٦) تقدم برقم (١٠٥٧) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>