للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومعناه كما قال ابن الأثير (١): أن يألف الرجل مكانًا معلومًا في المسجد يصلي فيه ويختصّ به.

قوله: (كإيطان البعير)، المراد [كما] (٢) يوطن البعير المَبْرك الدمث الذي قد أوطنه واتخذه مناخًا له فلا يأوي إلا إليه (٣).

وقيل معناه: أن يبرك على ركبتيه قبل يديه إذا أراد السجود مثل بروك البعير على المكان الذي أوطنه، يقال: أوطنت الأرض ووطنتها واستوطنتها: أي اتخذتها وطنًا ومحلًا.

قوله: (عند الأسطوانة) هي بضمّ الهمزة وسكون السين المهملة وضمّ الطاء وهي السارية.

قوله: (التي عند المصحف) هذا دالًّا على أنه كان للمصحف موضع خاصّ به (٤).


(١) النهاية (٥/ ٢٠٤).
(٢) زيادة من المخطوط (أ).
(٣) قال القاسمي في "إصلاح المساجد" ص ١٨٥: "يهوى بعض ملازمي الجماعات مكانًا مخصوصًا أو ناحية من المسجد، إما وراء الإمام أو جانب المنبر أو أمامه أو طرف حائطه اليمين أو الشمال أو الصفَّة المرتفعة في آخره بحيث لا يلذ له التعبد ولا الإقامة إلا بها، وإذا أبصر من سبقه إليها فربما اضطره إلى أن يتنحى له عنها لأنها محتكرة أو يذهب عنها مغضبًا أو متحوقلًا أو مسترجعًا، وقد يفاجئ الماكث بها بأنها مقامه من كذا وكذا سنة، وقد يستعين بأشكاله من جهلة المتنسكين على أن يقام منها إلى غير ذلك من ضروب الجهالات التي ابتليت بها أكثر المساجد، ولا يخفى أن محبة مكان من المسجد على حده تنشأ من الجهل أو الرياء أو السممعة وأن يقال أنه لا يصلي إلا في المكان الفلاني، أو أنه من أهل الصف الأول مما يحبط العمل ملاحظته ومحبته نعوذ بالله.
وهب أن هذا المتوطن لم يقصد ذلك فلا أقل أنه يفقد لذة العبادة بكثرة الإلف والحرص على هذا المكان بحيث لا يدعوه إلى المسجد إلا موضعه، وقد ورد النهي عن ذلك كما في الحديث الحسن المتقدم" اهـ.
(٤) أسطوانة المصحف الشريف:
• عن يزيد بن أبي عُبيد، قال: كنتُ آتي مع سلمةَ بن الأكوع فيصلي عند الأُسطوانةِ التي عند المصحف، فقلت: يا أبا مُسلم، أراك تتحرى الصلاة عند هذه الأسطوانةِ. قال: فإني رأيتُ النبي يتحرى الصلاة عندها.
أخرجه البخاري رقم (٥٠٢) ومسلم رقم (٢٦٤/ ٥٠٩) واللفظ للبخاري. =

<<  <  ج: ص:  >  >>