والمراد بالتسبيح: صلاة النافلة. وهذا الحديث يتعارض في ظاهره مع النهي عن إيطان الرجل موضعًا من المسجد يلازمه، ولكن الجمع ممكن بين الحديثين، وهو فيما إذا كان لا فضل فيه، أو لا حاجة إليه، أما إذا كان فيه فضلٌ فلا. قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم (٤/ ٢٢٦): وفي هذا أنه لا بأس بإدامةِ الصلاةِ في موضع واحدٍ، إذا كان فيه فضل. وأما النهي عن إيطان الرجل موضعًا من المسجد يلازمه فهو فيما لا فضل فيه ولا حاجة إليه. فأما ما فيه فضل فقد ذكرناه. وأما من يحتاج إليه لتدريس علمٍ، أو للإفتاء، أو سماع الحديث، ونحو ذلك، فلا كراهة فيه، بل هو مستحب؛ لأنه من تسهيلِ طرقِ الخير. وقد نقل القاضي عياض خلافَ السلفِ في كراهةِ الإيطانِ لغير حاجةٍ، والاتفاق عليه لحاجة، نحو ما ذكرناه. اهـ. وأما قوله: "عند الأسطوانة التي عند المصحف". وقوله: "يتحرى موضع مكان المصحف" فهو يدل على أنه كان للمصحف الشريف موضعٌ خاصٌ به. وكان كذلك حيث وضع الصندوق الذي فيه المصحف على يمين المحراب اليوم، وهو عَلَمٌ على مُصلَّى رسول الله ﷺ. [فضائل المدينة المنورة. للدكتور خليل إبراهيم ملّا خاطر (٢/ ٣٢٦ - ٣٢٧)]. (١) في صحيحه رقم (٢٦٣/ ٥٠٩) وقد تقدم. (٢) في "الفتح" (١/ ٥٧٧).