للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أخبار المدينة (١).

والحديث الأوّل يدلّ على كراهة اعتياد الرجل بقعة من بقاع المسجد.

ولا يعارضه الحديث الثاني لما تقرّر في الأصول (٢) أن فعله يكون مخصصًا له من القول الشامل له بطريق الظهور كما تقدم غير مرّة إذا لم يكن فيه دليل التأسي، وعلة النهي عن المواظبة على مكان في المسجد ما سيأتي في الباب الذي بعد هذا من مشروعية تكثير مواضع العبادة.

قال المصنف (٣) بعد أن ساق حديث سلمة ما لفظه: قلت: وهذا محمول على النفل، ويحمل النهي على من لازم مطلقًا للفرض والنفل. اهـ.


(١) وَهِمَ بعض العلماء - ومنهم الحافظ ابن حجر - في تعيين الأسطوانة.
قال الدكتور خليل ملأ خاطر (٢/ ٣٢٨ - ٣٢٩) في المرجع السابق: "ولعل مرجعه في ذلك ما ذكره الإمام المطري فقد ذكر في كتابه: "التعريف بما آنست الهجرة من معالم دار الهجرة" - (٣٤) وأخبار مدينة الرسول - (٩١ - ٩٢): الأسطوانة المخلَّقة، وبين أنها أسطوانةُ المهاجرين، وتعرف بأسطوانة عائشة، وهي متوسطة في الروضة وبنحوه قال ابن النجار من قبله.
وكونها مخلَّقةً لا يعني أنها الأسطوانة المذكورة، إذ يوجد ثلاثُ أسطوانات في الروضة الشريفة تدعى كلُّ واحدة منهن "مخلَّقة" وهي: أسطوانة المصحفِ، وأسطوانةُ التوبةِ، وأسطوانةُ عائشة أو المهاجرين.
وسبب إطلاق اسم المخلَّقة على هذه الأسطوانات لمَّا حجت الخيزرانُ، أمُّ هارون الرشيد سنة (١٧٠ أو ١٧١ هـ) أمرت بالمسجد أن يُخلَّقَ - أي يطيَّب - وزيد في خلوق هذه الأسطوانات فعرفت بالمخلَّقة - انظر خبر تطييب المسجد: أخبار مدينة الرسول (٨٤) ووفاء الوفاء (٣٦٩).
قال الإمام مالك فيما نقله ابن النجار - الدرة الثمينة (٣٧٦) وأخبار مدينة الرسول (١٠٦) ووفاء الوفاء (٣٦٩) -: أرسل الحجاجُ بنُ يوسف إلى أمهات القرى بمصاحف، فأرسل إلى المدينة بمصحف منها كبير، وكان في صندوق، عن يمين الأسطوانة التي عملت على مقام النبي ، وكان يُفتح يوم الجمعة والخميس فيقرأ فيه إذا صليت الصبح. اهـ.
وهذا يدل على أن الأسطوانة المذكورة هي التي عن يمين المحراب، الذي هو مكان مصلى رسول الله وفاء الوفاء (٣٦٧ - ٣٧٠) - والله أعلم.
(٢) انظر: إرشاد الفحول (ص ٤٤٣) بتحقيقي.
(٣) ابن تيمية الجد في "المنتقى" (١/ ٦٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>