للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال النووي (١): ذهب الجمهور إلى أنه يجوز القصر في كل سفر مباح. وذهب بعض السلف إلى أنه يشترط في القصر الخوف في السفر، وبعضهم كونه سفر [حج أو عمرة، وعن بعضهم كونه سفر] (٢) طاعة.

احتج القائلون بوجوب القصر بحجج:

(الأولى): ملازمته للقصر في جميع أسفاره، كما في حديث ابن عمر (٣) المذكور في الباب، ولم يثبت عنه أنه أتم الرباعية في السفر البتة كما قال ابن القيم (٤)، وأما حديث عائشة الآتي (٥) المشتمل على أنه أتمّ الصلاة في السفر فسيأتي أنه لم يصحّ.

ويجاب عن هذه الحجة بأن مجرّد الملازمة لا يدل على الوجوب كما ذهب إلى ذلك جمهور أئمة الأصول (٦) وغيرهم.

(الحجة الثانية) حديث عائشة المتفق عليه (٧) بألفاظ منها: "فرضت الصلاة ركعتين، فأقّرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر"، وهو دليل ناهض على الوجوب؛ لأن صلاة السفر إذا كانت مفروضة ركعتين لم تجز الزيادة عليها، كما أنها لا تجوز الزيادة على أربع في الحضر.

وقد أجيب عن هذه الحجة بأجوبة:

(منها): أن الحديث من قول عائشة غير مرفوع، وأنها لم تشهد زمان فرض الصلاة، وأنه لو كان ثابتًا لنقل تواترًا.

وقد قدمنا الجواب عن هذه الأجوبة في أوّل كتاب الصلاة في الموضع الذي ذكر فيه المصنف حديث عائشة (٨).

(ومنها) أن المراد بقولها: "فرضت" أي قدّرت، وهو خلاف الظاهر.


(١) في المجموع شرح المهذب (٤/ ٢٢٤).
(٢) ما بين الخاصرتين سقط من المخطوط (ب).
(٣) تقدم برقم (١١٥٥) من كتابنا هذا.
(٤) في "زاد المعاد في هدي خير العباد" له (١/ ٤٤٧).
(٥) برقم (١١٥٧، ١١٥٨) من كتابنا هذا.
(٦) إرشاد الفحول (ص ١٥٨) بتحقيقي والبحر المحيط (٤/ ١٧٧).
(٧) أحمد (٦/ ٢٣٤) والبخاري رقم (١٠٩٠) ومسلم رقم (١/ ٦٨٥).
(٨) الباب الأول عند الحديث رقم (٣٩٤) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>