للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأجيب بأن الآية وردت في قصر الصفة في صلاة الخوف لا في قصر العدد لما علم من تقدّم [شرعية] (١) قصر العدد.

قال في الهدي (٢) - وما أحسن ما قال -: وقد يقال: "إن الآية اقتضت قصرًا يتناول قصرَ الأركان بالتخفيف، وقصر العدد بنُقصان ركعتين. وقُيِّدَ ذلك بأمرين: الضرب في الأرض، والخوفِ؛ فإذا وُجدَ الأمرانِ أبيحَ القصران، فيُصلُّون صلاةَ خوف مقصورًا عددُها وأركانُها، وإن انتفى الأمرانِ، وكانوا آمنين مقيمين، انتفى القصران، فيصلُّون صلاة تامة كاملة، وإن وُجدَ أحدُ السببين، ترتب عليه قصرُه وحدَه، فإن وُجِدَ الخوفُ والإِقامة قُصرت الأركانُ، واستوفي العدد، وهذا نوع قصر، وليس بالقصر المطلق في الآية، وإن وُجدَ السفرُ والأمنُ، قُصِرَ العددُ واستوفيت الأركان وصليت صلاة أمن، وهذا أيضًا نوع قَصْرٍ وليس بالقصر المطلق؛ وقد تُسمى هذه الصلاة مقصورة باعتبار نقصان العدد، وقد تُسمى تامة باعتبار تمام أركانها، وإن لم تدخل في الآية" اهـ.

(الحجة الثانية) قوله في حديث الباب (٣): "صدقة تصدّق الله بها عليكم"، فإن الظاهر من قوله صدقة أن القصر رخصة فقط.

وأجيب بأن الأمر بقبولها يدلّ على أنه لا محيص عنها وهو المطلوب.

(الحجة الثالثة) ما في صحيح مسلم (٤) وغيره (٥) أن الصحابة كان يسافرون مع رسول الله ، فمنهم القاصر ومنهم المتمّ ومنهم الصائم ومنهم المفطر لا يعيب بعضهم على بعض.

كذا قال النووي في شرح مسلم (٦)، ولم نجد في صحيح مسلم قوله: "فمنهم القاصر ومنهم المتتم" وليس فيه إلا أحاديث الصوم والإِفطار، وإذا ثبت ذلك فليس فيه أن النبيّ اطلع على ذلك وقرّرهم عليه، وقد نادت أقواله وأفعاله بخلاف ذلك.


(١) سقط من المخطوط (ب).
(٢) زاد المعاد في هدي خير العباد (١/ ٤٤٩).
(٣) رقم (١١٥٦) من كتابنا هذا.
(٤) في صحيحه رقم" (٩٧/ ١١١٧).
(٥) كأبي داود في سننه رقم (٢٤٠٥).
(٦) (٥/ ١٩٤ - ١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>