للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد تقرّر أن إجماع الصحابة في عصره ليس بحجة (١)، والخلاف بينهم في ذلك مشهور بعد موته.

وقد أنكر جماعة منهم على عثمان لما أتم بمنى، وتأوّلوا له تأويلات: قال ابن القيم (٢): أحسنها أنه كان قد تأهَّل بمنى، والمسافر إذا أقام في موضع وتزوّج فيه، أو كان له به زوجة أتم.

وقد روى أحمد (٣) عن عثمان أنه قال: أيها الناس لما قدمت منى تأهلت بها، وإني سمعت رسول الله يقول: "إذا تأهل رجل ببلد فليصلّ به صلاة مقيم".

ورواه أيضًا عبد الله بن الزبير الحميدي في مسنده (٤) أيضًا.

وقد أعله البيهقي (٥) بانقطاعه وتضعيفه عكرمة بن إبراهيم، وسيأتي الكلام عليه.

(الحجة الرابعة) حديث عائشة الآتي (٦) وسيأتي الجواب عنه.

وهذا النزاع في وجوب القصر وعدمه. وقد لاح من مجموع ما ذكرنا رجحان القول بالوجوب. وأما دعوى أن التمام أفضل فمدفوعة بملازمته للقصر في جميع أسفاره وعدم صدور التمام عنه كما تقدم، ويبعد أن يلازم طول عمره المفضول ويدع الأفضل (٧).


(١) انظر: "إرشاد الفحول" ص ٢٢٧، بتحقيقي والكوكب المنير (٢/ ٢١٠).
(٢) في زاد المعاد في هدي خير العباد (١/ ٤٥٣).
(٣) في المسند (١/ ٦٢) بسند ضعيف.
وأخرجه الحميدي في مسنده رقم (٣٦) وتكلم على الحديث أبو الأشبال في تخريجه لمسند أحمد (١/ ٣٥١ رقم ٤٤٣) كلامًا طيبًا فانظره إن شئت.
(٤) رقم الحديث (٣٦) وقد تقدم.
(٥) ذكر ذلك ابن القيم في "زاد المعاد" (١/ ٤٥٣).
(٦) برقم (١١٥٧) من كتابنا هذا.
(٧) قال الشوكاني في "السيل الجرار" (١/ ٦٢١) بتحقيقي: "فهذه الأدلةُ قد دلتْ على أن القصرَ واجبٌ عزيمةٌ غيرُ رخصةٍ.
وأما قوله تعالى: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ﴾ [النساء: ١٠١] فهو وارد في صلاة الخوف. =

<<  <  ج: ص:  >  >>