للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإلى ذلك ذهب ابن حزم الظاهري (١)، واحتجّ له بإطلاق السفر في كتاب الله تعالى كقوله: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ [النساء: ١٠١] الآية، وفي سنة رسول الله قال: فلم يخصّ الله ولا رسوله ولا المسلمون بأجمعهم سفرًا من سفر.

ثم احتجّ على ترك القصر فيما دون الميل بأن النبيّ قد خرج إلى البقيع لدفن الموتى وخرج إلى القضاء للغائط والناس معه فلم يقصر [ولا] (٢) أفطر.

وذكر في المحلى (٣) من أقوال الصحابة والتابعين والأئمة والفقهاء في تقدير مسافة القصر أقوالًا كثيرة لم يحط بها غيره واستدلّ لها وردّ تلك الاستدلالات.

وقد أخذ بظاهر حديث أنس (٤) المذكور في الباب الظاهرية كما قال النووي (٥).

فذهبوا إلى أن أقل مسافة القصر ثلاثة أميال.

قال في الفتح (٦): وهو أصحّ حديث ورد في ذلك وأصرحه، وقد حمله من خالفه على أن المراد المسافة التي يبتدأ منها القصر لا غاية السفر.

قال (٧): ولا يخفى بعد هذا الحمل مع أن البيهقي (٨) ذكر في روايته من هذا الوجه أن يحيى بن يزيد راويه عن أنس قال: سألت أنسًا عن قصر الصلاة وكنت أخرج إلى الكوفة يعني من البصرة فأصلي ركعتين ركعتين حتى أرجع، فقال أنس، فذكر الحديث.

قال (٧): فظهر أنه سأله عن جواز القصر في السفر لا عن الموضع الذي يبتدئ القصر منه.

وذهب الشافعي (٩) ومالك (١٠) وأصحابهما والليث (١١) والأوزاعي وفقهاء


(١) في المحلى (٣/ ٥ - ٢٢).
(٢) في المخطوط (ب): (ولم).
(٣) (٢/ ٣ - ٢٢).
(٤) رقم الحديث (١١٦٢) من كتابنا هذا.
(٥) في شرحه لصحيح مسلم (٥/ ١٩٥).
(٦) (٢/ ٥٦٧).
(٧) أي الحافظ في الفتح (٢/ ٥٦٧).
(٨) في السنن الكبرى (٣/ ١٤٦).
(٩) "البيان" للعمراني (٢/ ٤٥٣) والمجموع للنووي (٤/ ٢١١).
(١٠) المدونة (١/ ١٢٠).
(١١) حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط (٤/ ٣٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>