للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر ولم يصلّ بينهما شيئًا، وكان ذلك بعد الزوال".

وقد استدلّ القائلون بجواز جمع التقديم والتأخير في السفر بهذه الأحاديث، وقد تقدم ذكرهم.

وأجاب المانعون من جمع التقديم [عنها] (١) بما تقدم من الكلام عليها، وقد عرفت أن بعضها صحيح وبعضها حسن، وذلك يردّ قول أبي داود (٢): ليس في جمع التقديم حديث قائم.

وأما حديث ابن عمر (٣) فقد استدلّ به من قال باختصاص رخصة الجمع في السفر بمن كان سائرًا لا نازلًا كما تقدم.

وأجيب عن ذلك بما وقع من التصريح في حديث معاذ بن جبل في الموطأ (٤) بلفظ: "إن النبيّ أخر الصلاة في غزوة تبوك، خرج فصلى الظهر والعصر جميعًا، ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعًا".

قال الشافعي في الأمّ (٥): قوله: " [ثم] (٦) دخل ثم خرج" لا يكون إلا وهو نازل، فللمسافر أن يجمع نازلًا ومسافرًا.

وقال ابن عبد البرّ: هذا أوضح دليل في الردّ على من قال: لا يجمع إلا من جدّ به السير وهو قاطع للالتباس.

وحكى القاضي عياض (٧) أن بعضهم أوّل قوله: "ثم دخل" أي في الطريق مسافرًا "ثم خرج" أي عن الطريق للصلاة، ثم استبعده.

قال الحافظ (٨): ولا شك في بعده وكأنه فعل ذلك لبيان الجواز، وكان أكثر عادته ما دلّ عليه حديث أنس (٩)، يعني المذكور في أوّل الباب، ومن


(١) في المخطوط (ب): (عليها).
(٢) ذكره الحافظ في "التلخيص" (٢/ ١٠٢).
(٣) تقدم برقم (١١٧٤) من كتابنا هذا.
(٤) في الموطأ (١/ ١٤٣ رقم ٢).
(٥) (٢/ ١٦٨).
(٦) ما بين الحاصرتين سقط من المخطوط (ب).
(٧) في إكمال المعلم (٣/ ٣٣).
(٨) في "الفتح" (٢/ ٥٨٣ - ٥٨٤).
(٩) المتقدم برقم (١١٧١) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>