للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وظاهره عدم وجوب الجمعة على من لم يسمع النداء، سواء كان في البلد الذي تقام فيه الجمعة أو في خارجه.

وقد ادّعى في البحر (١) الإِجماع على عدم اعتبار سماع النداء في موضعها واستدلّ لذلك بقوله: إذا لم تعتبره الآية، وأنت تعلم أن الآية قد قيد الأمر بالسعي فيها بالنداء لما تقرّر عند أئمة البيان (٢) من أن الشرط قيد لحكم الجزاء، والنداء المذكور فيها يستوي فيه من في المصر الذي تقام فيه الجمعة ومن خارجه، نعم إن صحّ الإِجماع كان هو الدليل على عدم اعتبار سماع النداء لمن في موضع إقامة الجمعة عند من قال بحجية الإِجماع.

وقد حكى العراقي في شرح الترمذي عن الشافعي (٣) ومالك (٤) وأحمد بن حنبل (٥) أنهم يوجبون الجمعة على أهل المصر وإن لم يسمعوا النداء.

وقد اختلف أهل العلم فيمن كان خارجًا عن البلد الذي تقام فيه


(١) البحر الزخار الجامع لمذهب علماء الأمصار (٢/ ٦).
(٢) قال مؤلف "معجم البلاغة العربية" ص ٣٠٨ رقم ٤٠٩ - الشرط: الشرط في عرف أهل العربية قيد كحكم الجزاء. فقوله: "إن جئتني أكرمتك" بمنزلة قولك: أكرمك وقت مجيئك إليّ.
ولا يخرج الكلام بهذا التقييد عمَّا كان عليه من الخبرية أو الإنشائية، بل إن كان الجزاء خبرًا فالجملة الشرطية خبرية كما في المثال السالف. وإن كانت الجزاء إنشاءٌ فالجملة إنشائية نحو: "إن جاءك زيد فأكرمه".
وعند المنطقيين أن كلًّا من الشرط والجزاء خارج عن الخبرية، واحتمال الصدق والكذب. وإنما الخبر هو مجموع الشرط والجزاء المحكوم به بلزوم الثاني للأول. فإذا قلت: إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود، فعند أهل العربية (النهار) محكوم عليه، و (موجود) محكوم به، والشرط قيد له.
وعند المنطقيين المحكوم عليه الشرط، والمحكوم به هو الجزاء، ومفهوم القضية عندهم الحكم بلزوم الجزاء للشرط.
وعند أهل العربية ثبوت الجزاء على تقدير ثبوت الشرط" اهـ.
وانظر: "البلاغة العربية" (١/ ٤٧١).
(٣) المجموع (٤/ ٣٥٤) والبيان (٢/ ٥٤٨).
(٤) المدونة (١/ ١٥٢) والمنتقى (١/ ١٩٤).
(٥) المغني (٣/ ٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>