للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واستدلُّوا على ذلك بأن الساعة تطلق على جزء من الزمان غير محدود، وقالوا: الرواح لا يكون إلا من بعد الزوال.

وقد أنكر الأزهري (١) على من زعم أن الرواح لا يكون إلا من بعد الزوال، ونقل أن العرب تقول: راح في جميع الأوقات بمعنى ذهب، قال: وهي لغة أهل الحجاز، ونقل [أبو عبيد] (٢) في الغريبين (٣) نحوه.

وفيه ردّ على الزين بن المنير (٤) حيث أطلق أن الرواح لا يستعمل في المضيّ في أوّل النهار بوجه، وحيث قال: إن استعمال الرواح بمعنى الغد، [و] (٥) لم يسمع ولا ثبت ما يدلّ عليه، وقد روي الحديث بلفظ "غَدَا" (٦) مكان "راح" وبلفظ: "المتعجل إلى الجمعة" (٧).

قال الحافظ (٨): ومجموع الروايات يدلّ على أن المراد بالرواح الذهاب، وما ذكرته المالكية أقرب إلى الصواب.

لأن الساعة في لسان الشارع وأهل اللغة الجزء من أجزاء الزمان كما في كتب اللغة (٩).

ويؤيد ذلك أنه لم ينقل عن أحد من الصحابة أنه ذهب إلى الجمعة قبل


(١) في "تهذيب اللغة" (٥/ ٢٢١).
(٢) في المخطوط (أ): (أبو عبيدة) والصواب ما أثبتناه من (ب).
(٣) (٣/ ٧٨٨) حيث قال: راح: أي: من خفَّ إليها ولم يُرِد رواح آخر النهار، يقال: تروَّح القومُ وراحُوا، إذا ساروا أي وقتٍ كان".
(٤) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (٢/ ٣٦٩).
(٥) زيادة من المخطوط (ب).
(٦) أخرجه النسائي برقم (١٣٨٤)، وهو حديث صحيح.
(٧) أخرجه الدارمي رقم (١٥٨٤) بسند صحيح.
(٨) في "الفتح" (٢/ ٣٦٩).
(٩) قال ابن الأثير في "النهاية" (٢/ ٤٢٢):
"الساعةُ تطلق بمعنيين: (أحدهما): أن تكون عبارة عن جزء من أربعةٍ وعشرين جزءًا وهي مجموع اليوم والليلة.
(والثاني): أن تكون عبارة عن جزءٍ قليل من النهار أو الليل، يقال: جلستُ عندك ساعة من النهار. أي وقتًا قليلًا منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>