للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

طلوع الشمس أو عند انبساطها، ولو كانت الساعة هي المعروفة عند أهل الفلك لما ترك الصحابة الذين هم خير القرون وأسرع الناس إلى موجبات الأجور الذهاب إلى الجمعة في الساعة الأولى من أوّل النهار أو الثانية أو الثالثة، فالواجب حمل كلام الشارع على لسان قومه إلا أن يثبت له اصطلاح يخالفهم.

ولا يجوز حمله على المتعارف في لسان المتشرّعة، الحادث بعد عصره، إلا أنه يعكر على هذا حديث جابر (١) المصرّح بأن يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة، فإنه تصريح منه باعتبار الساعات الفلكية.

ويمكن التقصي عنه بأن مجرّد جريان ذلك على لسانه لا يستلزم أن يكون اصطلاحًا له تجري عليه خطاباته.

ومما يشكل على اعتبار الساعات الفلكية وحمل كلام الشارع عليها استلزامه صحة صلاة الجمعة قبل الزوال.

ووجه ذلك أن تقسيم الساعات إلى خمس ثم تعقيبها بخروج الإِمام وخروجه عند أوّل وقت الجمعة يقتضي أنه يخرج في أوّل الساعة السادسة وهي قبل الزوال.

وقد أجاب صاحب الفتح (٢) عن هذا الإشكال فقال: إنه ليس في شيء من طرق الحديث ذكر الإتيان من أوّل النهار، فلعلّ الساعة الأولى منه جعلت للتأهب بالاغتسال وغيره، ويكون مبتدأ المجيء من أوّل الثانية، فهي أولى بالنسبة إلى المجيء ثانية بالنسبة إلى النهار.

قال (٢): وعلى هذا فآخر الخامسة أوّل الزوال فيرتفع الإِشكال، وإلى هذا أشار الصيدلاني (٣) فقال: إن أوّل التبكير يكون من ارتفاع النهار وهو أوّل الضحى وهو أوّل الهاجرة.

قال (٢): ويؤيده الحثّ على التهجير إلى الجمعة.

ولغيره من الشافعية (٣) في ذلك وجهان:


(١) المتقدم وهو حديث صحيح أخرجه أبو داود رقم (١٠٤٨) والنسائي رقم (١٣٨٩) والحاكم في المستدرك (١/ ٢٧٩).
(٢) وهو الحافظ ابن حجر (٢/ ٣٦٨).
(٣) حكاه الحافظ في الفتح (٢/ ٣٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>