للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دون التحريم، وقد رجع عنه". وتأوله أيضًا صاحب التقريب (١) ولم يحمله على ظاهره فثبتت صحة دعوى الإِجماع على ذلك. وقد نقل الإِجماع أيضًا ابن المنذر على تحريم الشرب في آنية الذهب والفضة إلا عن معاوية بن قرة (٢).

وقد أجيب من جهة القائلين بالكراهة عن الحديث بأنه للتزهيد بدليل "أنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة" (٣)، ورد بحديث: "فإنما يُجَرْجِرُ في بطنِهِ نارَ جَهَنَّمَ" (٤)، وهو وعيد شديد ولا يكون إلا على محرم، ولا شك أن أحاديث الباب تدل على تحريم الأكل والشرب، وأما سائر الاستعمالات فلا والقياس على الأكل والشرب قياس مع فارق، فإن علة النهي عن الأكل والشرب هي التشبه بأهل الجنة حيث يطاف عليهم بآنية من فضة، وذلك مناط معتبر للشارع كما ثبت عنه لما رأى رجلًا متختِّمًا بخاتم من ذهب فقال: "ما لي أرى عليك حلية أهل الجنة؟ "، أخرجه الثلاثة (٥) من حديث بريدة، وكذلك في الحرير وغيره وإلا لزم تحريم التحلي بالحلي والافتراش للحرير لأن ذلك استعمال، وقد جوَّزه البعض من القائلين بتحريم الاستعمال.

وأما حكاية النووي للإِجماع على تحريم الاستعمال فلا [تتم] (٦) مع مخالفة


(١) هو الإمام قاسم بن محمد القفَّال الشاشي صاحب كتاب التقريب. انظر: "معجم المصنفات" ص ١٣٨ لأبي عبيدة، وأبي حذيفة.
(٢) انظر: "موسوعة الإجماع" لسعدي أبو جيب (١/ ٤٢).
أما معاوية بن قرَّة بن إياس بن هلال المزني أبو إياس. فهو ثقة عالم. مات سنة ١١٣ هـ.
"التقريب" رقم (٦٧٦٩).
(٣) وهو جزء من حديث حذيفة الصحيح رقم (١/ ٦٣) من كتابنا هذا.
(٤) وهو جزء من حديث أم سلمة الصحيح رقم (٢/ ٦٤) الآتي في كتابنا هذا.
(٥) وهو حديث ضعيف.
أخرجه أحمد (٥/ ٣٥٩)؛ وأبو داود رقم (٤٢٢٣)؛ والترمذي (٤/ ٢٤٨ رقم ١٧٨٥) وقال: هذا حديث غريب. والنسائي (٨/ ١٧٢ رقم ٥١٩٥).
وفي سنده عبد الله بن مسلم السلمي صدوق يهم، "التقريب" رقم (٣٦١٧).
قلت: لفظ أحمد: "ما لك ولحُليِّ أهل الجنة". وفي لفظ أبي داود والترمذي والنسائي: "ما لي أرى عليك حِلْيةَ أهل النارِ"
(٦) في (جـ): (يتم).

<<  <  ج: ص:  >  >>