للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

داود (١) والشافعي (٢) وبعض أصحابه، وقد اقتصر الإِمام المهدي في البحر (٣) على نسبة ذلك إلى أكثر الأمة، على أنه لا يخفى على المنصف ما في حجية الإِجماع من النزاع والإِشكالات التي لا مخلص عنها.

والحاصل أن الأصل الحل فلا تثبت الحرمة إلا بدليل يسلمه الخصم، ولا دليل في المقام بهذه الصفة فالوقوف على ذلك الأصل المعتضد بالبراءة الأصلية هو وظيفة المنصف الذي لم يخبط بسوط هيبة الجمهور لا سيما وقد أيد هذا الأصل حديث: "ولكن عليكم بالفضة فالعبوا بها لعبًا". أخرجه أحمد (٤) وأبو داود (٥). ويشهد له ما سلف أن أم سلمة جاءت بجلجل من فضة فيه شعر من شعر رسول الله فخضخضت. الحديث في البخاري (٦) وقد سبق.

وقد قيل: إن العلة في التحريم: الخيلاء أو كسر قلوب الفقراء، ويرد عليه جواز استعمال الأواني من الجواهر النفيسة وغالبها أنفس وأكثر قيمة من الذهب


(١) مردود لمخالفته صريح الأحاديث الصحيحة.
(٢) قال النووي في شرح صحيح مسلم (١٤/ ٢٩): والصحيح عند أصحابنا - أي الشافعية - وغيرهم من الأصوليين أن المجتهد إذا قال قولًا ثم رجع عنه لا يبقى قولًا له، ولا ينسب إليه. قالوا: وإنما يذكر القديم وينسب إلى الشافعي مجازًا، وباسم ما كان عليه لا أنه قول له الآن … " اهـ.
(٣) قال المهدي في "البحر" (٤/ ٣٥٢ - ٣٥٣): "ويحرم الشرب في آنية الذهب والفضة إجماعًا، لقوله : " فإنما يجرجر" الخبر ونحوه. وقال المؤيد بالله وأبو طالب: ويقاس سائر الآلات كالمجامر والملاعق والمراش والسرج والمرفع ونحوه.
وقال الإمام يحيى: وكذا محك المرأة، إذ ليس بحلية. قلت: فإن أمسكت مقنعتها بغيره وغرزته للزينة فحلية.
وقالت القاسمية والناصرية والشافعية والحنفية: وكذا الآلة المذهبة أو المفة إن عمها إجماعًا لرواية ابن عمر: "من شرب في إناء من ذهب أو فضة أو فيه شيء من ذلك" الخبر، ولأنه حيث عمَّها مستعمل للذهب والفضة قالت العترة والشافعي وأبو يوسف: وكذا لو لم يعمه.
وقال أبو حنيفة: يجوز إن لم يضع فاه على الفضة ونحوها، وإن عم سائره، إذ المقصود هو الإناء هنا، والفضة تابعة، لنا الخبر.
قال الإمام المهدي: فأما ضبَّة الإناء فتجوز إجماعًا ما لم تكثر" اهـ.
(٤) في المسند (٢/ ٣٧٨).
(٥) في السنن رقم (٤٢٣٦) وهو حديث حسن.
(٦) في صحيحه رقم (٥٨٩٦) وتقدم رقم (٣٠/ ٤٨) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>