للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأجابوا عن أمره لسليك بأن ذلك واقعة عين لا عموم لها، فيحتمل اختصاصها بسليك.

قالوا: ويدلّ على ذلك ما وقع في حديث أبي سعيد (١): "أن الرجل كان في هيئة بذّة، فقال له: أصليت؟ قال: لا، قال: صلّ الركعتين، وحضّ الناس على الصدقة"، فأمره أن يصلي ليراه الناس وهو قائم فيتصدقون عليه.

ويؤيده أن في هذا الحديث عند أحمد (٢): "أن النبيّ قال: إن هذا الرجل دخل في هيئة بذّة، وأنا أرجو أن يفطن له رجل فيتصدّق عليه".

ويؤيده أيضًا قوله لسليك في آخر الحديث: "لا تعودنّ لمثل هذا" أخرجه ابن حبان (٣).

وردّ هذا الجواب بأن الأصل عدم الخصوصية، والتعليل بكونه قصد التصدّق عليه لا يمنع القول بجواز التحية، فإن المانعين لا يجوّزون الصلاة في هذا الوقت لعلة التصدّق، ولو ساغ هذا لساغ مثله في سائر الأوقات المكروهة ولا قائل به، كذا قال ابن المنير (٤).

ومما يردّ هذا التأويل ما في الباب من قوله : "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة" (٥)، فإن هذا نصّ لا يتطرّق إليه التأويل.

قال النووي (٦): لا أظنّ عالمًا يبلغه هذا اللفظ صحيحًا فيخالفه اهـ.

قال الحافظ (٧): والحامل للمانعين على التأويل المذكور أنهم زعموا أن ظاهره معارض لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾ [الأعراف: ٢٠٤].

وقوله : "إذا قلت لصاحبك: أنصت، والإِمام يخطب فقد لغوت"، متفق عليه (٨).


(١) تقدم برقم (١٢٢٣) من كتابنا هذا.
(٢) في المسند (٣/ ٢٥).
(٣) في صحيحه رقم (٢٥٠٤).
(٤) ذكره الحافظ في "الفتح" (٢/ ٤٠٨).
(٥) تقدم برقم (١٢٢٤) من كتابنا هذا.
(٦) في شرحه لصحيح مسلم (٦/ ١٦٤).
(٧) في "الفتح" (٢/ ٤٠٩).
(٨) أحمد في المسند (٢/ ٥٣٢) والبخاري رقم (٩٣٤) ومسلم رقم (١١/ ٨٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>