للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قالوا: فإذا امتنع الأمر بالمعروف وهو أمر اللاغي بالإِنصات فمنع التشاغل بالتحية مع طول زمنها أولى.

وعارضوا أيضًا بقوله للذي دخل يتخطى رقاب الناس وهو يخطب: "قد آذيت" وقد تقدم (١).

قالوا: فأمره بالجلوس ولم يأمره بالتحية.

وبما أخرجه الطبراني (٢) من حديث ابن عمر رفعه: "إذا دخل أحدكم المسجد والإِمام على المنبر فلا صلاة ولا كلام حتى يفرغ الإِمام".

ويجاب عن ذلك كله بإمكان الجمع وهو مقدّم على المعارضة المؤدّية إلى إسقاط أحد الدليلين:

أما في الآية فليست الخطبة قرآنًا، وما فيها من القرآن الآمر بالإنصات حال قراءته عامّ مخصص بأحاديث الباب.

وأما حديث: "إذا قلت لصاحبك أنصت" (٣)، فهو وارد في المنع من المكالمة للغير، ولا مكالمة في الصلاة، ولو سلم أنه يتناول كل كلام حتى الكلام في الصلاة لكان عمومًا مخصصًا بأحاديث الباب.

قال الحافظ (٤): وأيضًا فمصلي التحية يجوز أن يطلق عليه أنه منصت؛ لحديث أبي هريرة المتقدم (٥) أنه قال: "يا رسول الله سكوتك بين التكبيرة والقراءة ما تقول فيه؟ " فأطلق على القول سرًا السكوت.

وأما أمره لمن دخل يتخطى الرقاب بالجلوس (١) فذلك واقعة عين ولا عموم لها.

فيحتمل أن يكون أمره بالجلوس قبل مشروعيتها، أو أمره بالجلوس بشرطه


(١) برقم (١٢١٧) من كتابنا هذا.
(٢) في المعجم الكبير كما في "مجمع الزوائد" (٢/ ١٨٤) وقال الهيثمي: وفيه أيوب بن نهيك متروك، ضعفه جماعة وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يخطئ".
وهو حديث ضعيف.
(٣) أحمد في المسند (٢/ ٥٣٢) والبخاري رقم (٩٣٤) ومسلم رقم (١١/ ٨٥١). وقد تقدم.
(٤) في "الفتح" (٢/ ٤٠٩).
(٥) تقدم برقم (٦٨١) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>