للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما ما أحدث الناس قبل الجمعة من الدعاء إليها بالذكر والصلاة على النبيّ فهو في بعض البلاد دون بعض (١)، واتباع السلف الصالح أولى، كذا في الفتح (٢).

وقد روي عن معاذ أن عمر هو الذي أحدث ذلك وإسناده منقطع، ومعاذ أيضًا خرج من المدينة إلى الشام في أوّل غزو الشام، واستمرّ في الشام إلى أن مات في طاعون عَمْوَاسَ.

قوله: (غير مؤذّن واحد) فيه أنه قد اشتهر أنه كان للنبيّ جماعة من المؤذّنين منهم بلال، وابن أمّ مكتوم، وسعد القرظ، وأبو محذورة.

وأجيب بأنه أراد في الجمعة وفي مسجد المدينة، ولم ينقل أن ابن أمّ مكتوم كان يؤذّن يوم الجمعة، بل الذي ورد عنه التأذين يوم الجمعة بلال (٣)،


= • وقال ابن رجب في "فتح الباري" (٨/ ٢١٥) عقب الحديث (٩١٢) عن السائب بن يزيد: "وقد دلَّ الحديثُ على أن الأذان الذي كان على عهد رسول الله وأبي بكر وعمر هو النداء الذي بينَ يدي الإمام عند جلوسه على المنبر، وهذا لا اختلاف فيه بين العلماء؛ ولهذا قال أكثرهم: إنه هو الأذان الذي يمنعُ البيعَ ويوجب السعي إلى الجمعة حيثُ لم يكن على عهد النبي سواه" اهـ.
• وقال ابن العربي المالكي صاحب "عارضة الأحوذي" (٢/ ٣٠٥) عند شرح حديث السائب بن يزيد: "الأذان الأول أول شريعة غيرت في الإسلام على وجه طويل ليس من هذا الشأن، وكان كما ذكر الأئمة على عهد رسول الله أذانان: (الأول): الأذان عند صعود الإمام على المنبر للخطبة. و (الثاني): الإقامة. قال: فأما بالمشرق فيؤذنون كأذان قرطبة، وأما بالمغرب فيؤذنون ثلاثة من المؤذنين بجهل المفتين فإنهم لما سمعوا أنها ثلاثة لم يفهموا أن الإقامة هي النداء الثالث فجمعوها وجعلوها ثلاثة غفلة وجهلًا بالسنة، فإن الله تعالى لا يغير ديننا ولا يسلبنا ما وهبنا من نعمة" اهـ.
(١) قال فقيه الحنابلة منصور بن يونس البهوتي: "وما سوى التأذين قبل الفجر ويوم الجمعة من التسبيح والنشيد ورفع الصوت بالدعاء ونحو ذلك في المآذن أو غيرها فليس بمسنون، وما أحد من العلماء قال: إنه يستحب، بل هو من جملة البدع المكروهة؛ لأنه لم يكن في عهده ولا عهد أصحابه، وليس له أصل فيما كان على عهدهم يرد إليه، ولا يعلق إستحقاق الرزق به؛ لأنه أعانه على بدعة ولا يلزم فعله ولو شرطه واقف" اهـ.
من "كشاف القناع عن متن الإقناع" (١/ ٢٤٣).
• وانظر ما قاله ابن الحاج في "المدخل" (٢/ ٢٤٨).
(٢) (٢/ ٣٩٢).
(٣) "الفتح" (٢/ ٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>