للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مسلم (١) وهو من الغيّ، وهو الانهماك في الشرّ (٢).

وقد اختلف أهل العلم في حكم خطبة الجمعة؛ فذهبت العترة (٣) والشافعي (٤) وأبو حنيفة (٥) ومالك (٦) إلى الوجوب.

ونسبه القاضي عياض (٧) إلى عامة العلماء.

واستدلوا على الوجوب بما ثبت عنه بالأحاديث الصحيحة ثبوتًا مستمرًا، أنه كان يخطب في كل جمعة، وقد عرفت غير مرّة أن مجرّد الفعل لا يفيد الوجوب.

واستدلوا أيضًا بقوله : "صلوا كما رأيتموني أصلي" (٨)، وهو مع كونه غير صالح للاستدلال به على الوجوب لما قدَّمنا في أبواب صفة الصلاة، ليس فيه إلا الأمر بإيقاع الصلاة على الصفة التي كان يوقعها عليها، والخطبة ليست بصلاة.

واستدلوا أيضًا بقوله تعالى: ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ٩]، وفعله للخطبة بيان للمجمل، وبيان المجمل الواجب واجب.

وردّ بأن الواجب بالأمر هو السعي فقط.

وتُعقِّب بأن السعي ليس مأمورًا به لذاته بل لمتعلَّقه وهو الذكر. ويتعقَّب هذا التعقب بأن الذكر المأمور بالسعي إليه هو الصلاة.

غاية الأمر أنه متردّد بينها وبين الخطبة، وقد وقع الاتفاق على وجوب الصلاة والنزاع في وجوب الخطبة فلا ينتهض هذا الدليل للوجوب.


(١) (٦/ ١٦٠) للنووي.
(٢) النهاية (٣/ ٣٩٧).
(٣) البحر الزخار (٢/ ١٥).
(٤) المجموع (٤/ ٣٨٢) والبيان للعمراني (٢/ ٥٦٧).
(٥) البناية في شرح الهداية (٣/ ٦٣) وحاشية ابن عابدين (٣/ ١٨).
(٦) المدونة (١/ ١٥٠) والمنتقى للباجي (١/ ١٩٨).
(٧) في إكمال المعلم بفوائد مسلم (٣/ ٢٥٦).
(٨) أخرجه أحمد في المسند (٥/ ٥٣) والبخاري رقم (٦٣١) من حديث مالك بن الحويرث.
وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>