للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وللتِّرْمِذِي (١) قالَ: سُئِلَ رَسُولُ الله عَنْ قُدُورِ المجُوسِ، فقال: "أنقُوها غَسلًا وَاطْبُخُوا فِيها" [صحيح]

حديث جابر أخرجه أيضًا ابن أبي شيبة (٢) بمعناه، واستدل به من قال بطهارة الكافر وهو مذهب الجماهير من السلف والخلف، كما قاله النووي (٣) لأن تقرير المسلمين على الاستمتاع بآنية الكفار مع كونها مظنة لملابستهم ومحلًا للمنفصل من رطوبتهم مؤذن بالطهارة، وحديث أبي ثعلبة استدل به من قال بنجاسة الكافر وهو مذهب الهادي والقاسم والناصر ومالك (٤)، وقد نسبه القرطبي في شرح مسلم (٥) إلى الشافعي، قال في الفتح (٦): وقد أغرب.

ووجه الدلالة أنه لم يأذن بالأكل فيها إلا بعد غسلها. ورد بأن الغسل لو كان لأجل النجاسة لم يجعله مشروطًا بعدم الوجدان لغيرها إذ الإِناء المتنجس لا فرق بينه وبين ما لم يتنجس بعد إزالة النجاسة، فليس ذلك إلا للاستقذار. ورد أيضًا بأن الغسل إنما هو لتلوثها بالخمر ولحم الخنزير كما ثبت في رواية أبي ثعلبة عند أحمد (٧) وأبي داود (٨) أنهم يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمر، وبما ذكره في البحر (٩) من أنها لو حرمت رطوبتهم لاستفاض نقل توقيهم، لقلة المسلمين حينئذ وأكثر مستعملاتهم لا يخلو منها ملبوسًا ومطعومًا، والعادة في مثل ذلك تقتضي الاستفاضة. انتهى. وأيضا قد أذن الله بأكل طعامهم وصرح بحِلِّه (١٠) وهو لا يخلو


(١) في سننه (٤/ ١٢٩ رقم ١٥٦٠). وقال: هذا حديث حسن صحيح.
قلت: وأخرجه ابن ماجه (٢/ ١٠٦٩ رقم ٣٢٠٧).
(٢) في "المصنف" (١٢/ ٢٥١).
(٣) في شرحه لصحيح مسلم (٤/ ٦٦).
(٤) كما في "البحر الزخار" (١/ ١٢).
(٥) وهو "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" (٢/ ٦٣٠).
(٦) فتح الباري (١/ ٣٩٠ - ٣٩١).
(٧) في المسند (٤/ ١٩٣) ورجاله ثقات. لكنه منقطع بين أبي قلابة وأبي ثعلبة.
(٨) في السنن رقم (٣٨٣٩) وهو حديث صحيح.
(٩) (١/ ١٣).
(١٠) يشير المؤلف إلى الآية (٥) من سورة المائدة: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>