للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يكون بالقياس، يعني أنه كما ساغ لأولئك أن يؤخروا الصلاة عن وقتها المفترض كذلك يسوغ للطالب ترك إتمام الأركان والانتقال إلى الإيماء.

قال ابن المنيِّر (١): والأبين عندي أن وجه الاستدلال من جهة أن الاستعجال المأمور به يقتضي ترك الصلاة أصلًا كما جرى لبعضهم، أو الصلاة على الدوابّ كما وقع لآخرين؛ لأن النزول ينافي مقصود الجدّ في الوصول.

فالأوّلون بنوا على أن النزول معصية بمعارضته للأمر الخاصّ بالإسراع وكان تأخيرهم لها لوجود المعارض.

والآخرون جمعوا بين دليلي وجوب الإسراع ووجوب الصلاة في وقتها فصلوا ركبانًا.

فلو فرضنا أنهم نزلوا لكان ذلك مضادة للأمر بالإسراع، وهو لا يظنّ بهم لما فيه من المخالفة.

وهذا الذي حاوله ابن المنير (١) قد أشار إليه ابن بطال (٢) بقوله: لو وجد في بعض طرق الحديث إلى آخره، فلم يستحسن الجزم في النقل بالاحتمال.

وأما قوله: لا يظنّ بهم المخالفة، فمعترض بمثله بأن يقال: لا يظنّ بهم المخالفة بتغيير هيئة الصلاة بغير توقيف.

قال الحافظ (٣): والأولى ما قال ابن المرابط ووافقه الزين بن المنيِّر أن وجه الاستدلال منه بطريق الأولوية؛ لأن الذين أخروا الصلاة حتى وصلوا إلى بني قريظة لم يعنفوا مع كونهم فوّتوا الوقت، وصلاة من لا يفوّت الوقت بالإِيماء أو كيفما يمكن أولى من تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها.

* * *


(١) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (٢/ ٤٣٧).
(٢) في شرحه لصحيح البخاري (٢/ ٥٤٤ - ٥٤٥).
(٣) في "الفتح" (٢/ ٤٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>