للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيه: "فخطب الناس عمر فقال: إن رسول الله كان يرى للعباس ما يرى الولد للوالد، فاقتدوا أيها الناس برسول الله في عمه العباس، واتخذوه وسيلة إلى الله"، وفيه: "فما برحوا حتى سقاهم الله".

وأخرج البلاذري (١) من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم فقال عن أبيه بدل ابن عمر، فيحتمل أن يكون لزيد فيه شيخان.

وذكر ابن سعد (٢) وغيره (٣) أن عام الرمادة كان سنة ثماني عشرة، وكان ابتداؤه مصدر الحاج منها ودام تسعة أشهر.

والرمادة بفتح الراء وتخفيف الميم، سمي العام بها لما حصل من شدّة الجدب، فاغبرت الأرض جدًّا من عدم المطر (٤).

قال (٥): ويستفاد من قصة العباس استحباب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوّة (٦)، وفيه فضل العباس وفضل عمر لتواضعه للعباس ومعرفته بحقه، انتهى كلام الفتح.


(١) عزاه إليه الحافظ في "الفتح" (٢/ ٤٩٧).
(٢) في الطبقات (٣/ ٢٨٣).
(٣) كالطبري في تاريخه (٤/ ٩٦).
(٤) النهاية لابن الأئير (٢/ ٢٦٢).
وتهذيب اللغة للأزهري (١٤/ ١٢٠).
(٥) أي الحافظ في "الفتح" (٢/ ٤٩٧).
(٦) واعلم أن التوسل إلى الله ﷿ بالرجل الصالح ليس معناه التوسل بذاته وبجاهه وبحقه، بل هو التوسل بدعائه وتضرعه واستغاثته به .
وهذا هو بالتالي معنى قول عمر : "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا".
أي كنا إذا قل المطر مثلًا نذهب إلى النبي ونطلب منه أن يدعو لنا الله جل شأنه.
واعلم أيضًا أن عمر وهو العربي الأصيل الذي صحب النبي ولازمه في أكثر أحواله، وعرفه حق المعوفة، وفهم دينه حق الفهم، ووافقه القرآن في مواضع عدة، لجأ إلى توسل ممكن فاختار العباس لقرابته من النبي من ناحية، ولصلاحه ودينه وتقواه من ناحية أخرى، وطلب منه أن يدعو لهم بالغيث والسقيا.
وما كان لعمر ولا لغير عمر أن يدع التوسل بالنبي ، ويلجأ إلى التوسل بالعباس أو غيره لو كان التوسل بالنبي ممكنًا. وما كان من المعقول أن يقر الصحابة رضوان الله عليهم عمر على ذلك أبدًا. لأن الانصراف عن التوسل بالنبي إلى التوسل بغيره ما هو إلا كالانصراف عن الاقتداء بالنبي في الصلاة إلى الاقتداء بغيره سواء بسواء … =

<<  <  ج: ص:  >  >>