للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

به الشريعة؛ لأن العلم عند حامله أمانة، واستعماله في مواضعه من تأديتها.

قوله: (لِيَلِهِ أقربكم) فيه الأحقّ بغسل الميت من الناس الأقرب إلى الميت (١) بشرط أن يكون عالمًا بما يحتاج إليه من العلم، وقد قال بتقديم القريب على غيره الإِمام يحيى (٢).

قوله: (فمن ترون عنده حظًا من ورع وأمانة)، فيه دليل لما [ذهبت] (٣) إليه الهادوية (٤) من اشتراط العدالة في الغاسل وخالفهم الجمهور؛ فإن صحّ هذا الحديث فذاك، وإلا فالظاهر عدم اختصاص هذه القربة بمن ليس فاسقًا لأنه مكلف بالتكاليف الشرعية وغسل الميت من جملتها، وإلا لزم عدم صحة كل تكليف شرعي منه، وهو خلاف الإِجماع، ودعوى صحة بعضها دون بعض بغير دليل تحكم.

وقد حكى المهدي في البحر (٥) الإِجماع على أن غسل الميت واجب على الكفاية، وكذلك حكى الإِجماع النووي (٦).

وناقش دعوى الإِجماع صاحب ضوء النهار (٧) مناقشة واهية. حاصلها أنه لا مستند له إلا أحاديث الفعل وهي لا تفيد الوجوب، وأحاديث الأمر بغسل الذي وقصته ناقته (٨)، وأمر بغسل ابنته (٩) والأمر مختلف في كونه للوجوب أو للندب.

ورد كلامه بأنه إن ثبت الإِجماع على الوجوب فلا يضرّ جهل المستند.

ويردّ أيضًا بأن الاختلاف في كون الأمر للوجوب لا يستلزم الاختلاف في كل مأمور به؛ لأنه ربما شهدت لبعض الأوامر قرائن يستفاد منها وجوبه، وهذا مما لا يخالف فيه القائل بأن الأمر ليس للوجوب لأن محلّ الخلاف الأمر


(١) المجموع شرح المهذب (٥/ ١١٢).
(٢) البحر الزخار (٢/ ٩٨).
(٣) في المخطوط (ب): (ذهب).
(٤) البحر الزخار (٢/ ٩٨).
(٥) البحر الزخار (٢/ ٩١).
(٦) في شرحه لصحيح مسلم (٧/ ٣).
(٧) الجلال في ضوء النهار (٢/ ٢٠٩ - ٢١٠).
(٨) أخرجه البخاري رقم (١٢٦٧) ومسلم رقم (١٢٠٦).
(٩) أخرجه البخاري رقم (١٢٥٣) ومسلم رقم (٩٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>