للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صلى على حمزة، وكذلك أنس كما تقدم فقد وافقا غيرهما في وقوع مطلق الصلاة على الشهيد في تلك الواقعة.

ويبعد كل البعد أن يخص النبيّ بصلاته حمزة لمزية القرابة ويدع بقية الشهداء، ومع هذا فلو سلمنا أن النبيّ لم يصلّ عليهم حال الوقعة، وتركنا جميع هذه المرجحات لكانت صلاته عليهم بعد ذلك مفيدة للمطلوب؛ لأنها كالاستدراك لما فات مع اشتمالها على فائدة أخرى وهي أن الصلاة على الشهب لا ينبغي أن تترك بحال وإن طالت المدة وتراخت إلى غاية بعيدة.

وأما حديث أبي سلام (١) فلم أقف للمانعين من الصلاة على جواب عليه، وهو من أدلة المثبتين لأنه قتل في المعركة بين يدي رسول الله وسماه شهيدًا وصلى عليه، نعم لو كان النفي عامًا غير مقيد بوقعة أحد ولم يرد في الإثبات غير هذا الحديث لكان مختصًا بمن قتل على مثل صفته.

واعلم أنه قد اختلف في الشهيد الذي وقع الخلاف في غسله والصلاة عليه، هل هو مختصّ بمن قتل في المعركة أو أعمّ من ذلك.

فعند الشافعي (٢) أن المراد بالشهيد قتيل المعركة في حرب الكفار، وخرج بقوله: في المعركة، من جرح في المعركة وعاش بعد ذلك حياة مستقرّة وخرج بحرب الكفار من مات في قتال المسلمين كأهل البغي، وخرج بجميع ذلك من يسمى شهيدًا بسبب غير السبب المذكور، ولا خلاف أن من جمع هذه القيود شهيد.

وروي عن أبي حنيفة (٣) وأبي يوسف ومحمد: أن من جرح في المعركة إن مات قبل الارتثاث فشهيد.

والارتثاث (٤): أن يحمل ويأكل أو يشرب أو يوصي أو يبقى في المعركة يومًا وليلة حيًا.


(١) تقدم تخريجه برقم (٩/ ١٣٨٤) من كتابنا هذا.
(٢) الأم (٢/ ٥٩٦).
(٣) البناية في شرح الهداية (٣/ ٣٠٩).
(٤) القاموس المحيط ص ٢١٧. والنهاية (٢/ ١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>