للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما حديث ابن عباس (١) وما ورد في معناه من الصلاة على قتلى أحد قبل دفنهم.

فأجاب عن ذلك الشافعي (٢) بأن الأخبار جاءت كأنها عيان من وجوه متواترة أن النبيّ لم يصلّ على قتلى أحد. قال: وما روى أنه صلى عليهم وكبر على حمزة سبعين تكبيرة لا يصحّ، وقد كان ينبغي لمن عارض بذلك هذه الأحاديث أن يستحي على نفسه اهـ.

وأجيب أيضًا بأن تلك الحالة الضيقة لا تتسع لسبعين صلاة وبأنها مضطربة، وبأن الأصل عدم الصلاة؛ ولا يخفى عليك أنها رويت من طرق يشد بعضها بعضًا، وضيق تلك الحالة لا يمنع من إيقاع الصلاة، فإنها لو ضاقت عن الصلاة لكان ضيقها عن الدفن أولى.

ودعوى الاضطراب غير قادحة؛ لأن جميع الطرق قد أثبتت الصلاة وهي محلّ النزاع.

ودعوى أن الأصل عدم الصلاة مسلمة قبل ورود الشرع؛ وأما بعد وروده فالأصل الصلاة على مطلق الميت والتخصيص ممنوع.

وأيضًا أحاديث الصلاة قد شدّ من عضدها كونها مثبتة والإثبات مقدّم على النفي، وهذا مرجح معتبر، والقدح في اعتباره في المقام يبعد غفلة الصحابة عن إيقاع الصلاة على أولئك الشهداء معارض بمثله وهو بعد غفلة الصحابة عن الترك الواقع على خلاف ما كان ثابتًا عنه من الصلاة على الأموات، فكيف يرجح ناقله وهو أقل عددًا من نقلة الإثبات الذي هو مظنة الغفول عنه لكونه واقعًا على مقتضى عادته من الصلاة على مطلق الميت.

ومن مرجحات الإثبات الخاصة بهذا المقام أنه لم يرو النفي إلا أنس (٣) وجابر (٤)، وأنس عند تلك الوقعة من صغار الصبيان، وجابر قد روى أنه


(١) تقدم تخريجه خلال شرح الحديث رقم (١٤٠١) من كتابنا هذا.
(٢) في الأم (٢/ ٥٩٧).
(٣) تقدم تخريجه برقم (١٤٠١) من كتابنا هذا.
(٤) تقدم تخريجه برقم (١٣٨٢) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>