للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأيها كان فقد ثبت بصلاته عليهم الصلاة على الشهداء.

ثم الكلام بين المختلفين في عصرنا إنما هو في الصلاة عليهم قبل دفنهم، وإذا ثبت الصلاة عليهم بعد الدفن كانت قبل الدفن أولى اهـ.

وأجيب بأن صلاته عليهم تحتمل أمورًا أخر:

(منها) أن تكون من خصائصه.

(ومنها) أن تكون بمعنى الدعاء، ثم هي واقعة عين لا عموم لها فيها، فكيف ينتهض الاحتجاج بها لدفع حكم قد ثبت.

وأيضًا لم يقل أحد من العلماء بالاحتمال الثاني الذي ذكره الطحاوي (١)، كذا قال الحافظ (٢).

وأنت خبير بأن دعوى الاختصاص خلاف الأصل، ودعوى أن الصلاة بمعنى الدعاء يردّها قوله في الحديث: "صلاته على الميت".

وأيضًا قد تقرّر في الأصول (٣) أن الحقائق الشرعية مقدمة على اللغوية، فلو فرض عدم ورود هذه الزيادة لكان المتعين المصير إلى حمل الصلاة على حقيقتها الشرعية وهي ذات الأذكار والأركان.

ودعوى أنها واقعة عين لا عموم لها يردّها أن الأصل فيما ثبت لواحد أو لجماعة في عصره ثبوته للغير على أنه يمكن معارضة هذه الدعوى بمثلها.

فيقال: ترك الصلاة على الشهداء في يوم أحد واقعة عين لا عموم لها، فلا تصلح للاستدلال بها على مطلق الترك بعد ثبوت مطلق الصلاة على الميت.

ووقوع الصلاة منه على خصوص الشهيد في غيرها كما في حديث شدّاد بن الهاد (٤) وأبي سلام (٥).


(١) في شرح معاني الآثار (١/ ٥٠٤).
(٢) في "الفتح" (٣/ ٢١١).
(٣) إرشاد الفحول ص ٩٠ والبحر المحيط (٢/ ١٥٨ - ١٥٩) ونهاية السول (٢/ ١٥٢ - ١٥٤).
(٤) تقدم تخريجه خلال شرح الحديث رقم (١٤٠١) من كتابنا هذا.
(٥) تقدم تخريجه برقم (٩/ ١٣٨٤) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>